الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

(الأفعال الكثيرة تبطل الصلاة)

صفحة 340 - الجزء 1

  وأما قوله وتعليله: «ولا سيما مع جهالة⁣(⁣١) التاريخ» اهـ. فهي من زلاته وهفواته؛ لأن النهي عن الحركات في الصلاة - مثلاً - دليل وقوعها، وأكبر دليل على سَبْقها، فحذارِ مما يجرّونك إلى العبث في الصلاة، فقد سبق له أن جوّز إمامة المرأة، والصبي مكشوف العورة، وخلف الفسقة الذين يشربون الخمر ويؤمّون الناس.

  ولم يكتف بهذا بل يريد منك ألا تصلي صلاة مودع خائف، وألا يكون لك أسوة في صلاة رسول الله ÷، وصلاة مَنْ ضمهم الكساء، والراشدين من الصحابة الأخيار والتابعين لهم بإحسان، يبيح لك العبث كأنه لم يبلغه النهي عن تفقيع⁣(⁣٢) الأصابع، وعن نفخ التراب⁣(⁣٣)، وعن إزالة الحصا عن الجبهة وعن الاختصار⁣(⁣٤).

  وألا يكون مع الذين قال فيهم الحق سبحانه: {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ٢}⁣[المؤمنون: ٢]، {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ٤٦}⁣[الرحمن: ٤٦]، و {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ ٨}⁣[البينة: ٨]، وإذا لم يستحضر عظمة الله وهيبته في الصلاة فأين يكون؟! ولِم كان يبكي فيها الصالحون؟! وكيف احتجوا علينا بحديث الأنصاري الذي حرس رسول الله ÷ ليلاً، فقام يصلي، ورشقه المشركون بسهامهم عدة مرات حتى سال دمه فقيل له في ذلك؟ فقال: (كنت في سورة أقرأها فلم أحب أن أقطعها)⁣(⁣٥).

  اللهم اجعلنا ممن سلك مسلك الخائفين منك، العارفين بك لا مسلك العابثين، إنك ولي ذلك والقادر عليه.


(١) قال شيخنا: صوابه جهل لا جهالة.

(٢) تقريحها.

(٣) إشارة إلى حديث أم سلمة ^ قالت: رأى النبي ÷ غلاماً لنا يقال له: أفلح، إذا سجد نَفَخَ فقال: «يا أفلح تَرِّبْ وجهك» أي أوصلْه إلى التراب، رواه الترمذي.

(٤) وضع اليد على الخاصرة يشير شيخنا إلى حديث أبي هريرة قال: «نهى رسول الله ÷ عن الخَصْر في الصلاة» متفق عليه.

(٥) أبو داود، أحمد بن حنبل، ابن خزيمة، ابن حبان، المستدرك، البيهقي، الدراقطني، وكانت السورة التي يقرأها هي سورة الكهف.