(وجوب الجمعة على من سمع النداء)
  نعم لقد كان للإمام # وللشوكاني غنية عن احتجاجهم بأحاديث ضعيفة على وجوب الجمعة، ووجوبها أشهر من نار على علم.
  وهلا احتجّا بأنها بدل عن فريضة الظهر، ولا يكون بدل الفريضة إلا فريضة اتفاقاً.
  ثم إنه قد وجب بالنص القرآني السعي إلى ذكر الله، وهي الخطبة.
  وحيث وجب السعي بالنص القرآني إلى الخطبة، والخطبة إنما هي شرط للجمعة فهي دلالة واضحة على مكانتها الرفيعة في الوجوب وأنها منه بمكان.
  ثم إن هناك أحاديث صحيحة: «الجمعة واجبة على كل مسلم»، وفي لفظ: «على كل محتلم»، بل في غسل الجمعة أحاديث صحيحة، وحديث «من تركها فوق ثلاث تهاوناً بها طبع على قلبه».
  ثم إن الشوكاني عبر بفحوى الخطاب، وأكثر المطلعين على «شفاء الأوام» وما علق عليه لا يعرفون من الأصول شيئاً حتى من يحضر منهم حلقة شيخنا العلامة العمراني لا إطلالة لهم على الأصول فكيف بغيرهم؟! وكلمة «فحوى» غريبة عليهم.
  فأقول: معنى فحوى الخطاب ما يفهم من غير لفظ الكلام كما نفهم تحريم الضرب للأبوين من قوله تعالى: {فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ}[الإسراء: ٢٣] فالنص فيه تحريم التأفيف، وفهمنا من خارج النص تحريمَ ما هو أشد من التأفيف وهو الضرب.
  ونحو: {وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا}[الأنفال: ٦٥] النص يوجب ثبات المائة للألف، ومن خارج النص فهمنا ثبات العشرة للمائة والواحد للعشرة.
  ولو عبر الشوكاني بعبارة النص وإشارة النص ودلالة النص كما فعله محققو علم الأصول مثل صدر الشريعة عبد الله بن مسعود المحبوبي الحنفي، أو المحقق قطب الدين الرازي أو الإمام الحسين بن القاسم صاحب «الغاية»، أو عضد الملة والدين لكان أقرب للفهم وأليق بالمقام.