الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

من شروط وجوب صلاة الجمعة

صفحة 370 - الجزء 1

من شروط وجوب صلاة الجمعة

  قال الشوكاني: «قوله: أولها أن يكون في الزمان إمام حق ... إلخ، أقول: ما جعله المصنف وجهاً لهذا القول لا وجه له، لأن الآية الكريمة {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاَةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ}⁣[الجمعة: ٩] ليس فيها اشتراط إمام، وعلى فرض إجمالها واحتياجها إلى بيان فالمراد بيان عدد ركعات الجمعة وكيفيتها لا بيان أن للمسلمين إماماً صفته: كذا وكذا، ولو كان مجرد إقامتها به ÷ أو بمن هو والٍ من جهته يستلزم اشتراط الإمام الأعظم فيها لكان الإمام الأعظم شرطاً في سائر الصلوات؛ لأنها لم تقم إلا به في عصره ÷ أو بمن يأمره بذلك واللازم باطل بالإجماع، فالملزوم مثله، هذا إذا كان استفادة البيان من جهة الفعل، وإن كانت من جهة القول فما أوردوه من حديث «وله إمام عادل أو جائر» عليهم لا لهم؛ لأنهم هم الذين أجابوا عنه بالتأويل الذي ليس بمقبول؛ لعدم الملجئ إلى ذلك، والتأويل إنما يصار إليه إذا وجد دليل يخالفه فما هو؟ وحديث «لا يؤمنّ فاجر مؤمناً» و «لا يؤمنكم ذو جرأة في دينه» قد عرّفناك فيما سلف أنه مما لا تقوم به حجة مع كونه في إمام الصلاة» اهـ كلامه.

  نعم أقول وبه أصول: لا يعزب عنك ما تقدم للشوكاني من جواز إمامة الفاسق كالوليد بن عقبة وعمر بن سعد، والصبي مكشوف العورة كعمر بن سلمة، وإمامة المرأة، وإطلاق جوازه يقتضي الجهرية والسرية، على أن صوتها فتنة، وقد استدل العالم الحنفي الرازي على ذلك، وعلى تحريمه؛ بقوله تعالى: {وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ}⁣[النور: ٣١] وهو صوت الخلخال الذي في ساقها، وفتنة صوتها أشد من صوت خلخالها، ولهذا مُنعت من الأذان والإقامة، وأجاز الشوكاني إمامتها في الجهرية بمقتضى إطلاقه، فإذا طرب أحد من خلفها لصوتها واهتز فلا يضر؛ لأن الهزة ليست عنده فعلاً كثيراً؛ لأن الفعل الكثير - كما تقدم له -: «ما أجمع العلماء على أنه فعل كثير» اهـ. وليس