الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

من شروط وجوب صلاة الجمعة

صفحة 375 - الجزء 1

  الشرط عترة المختار، مَنْ إجماعهم حجة الإجماع، ومعهم أبو حنيفة وأصحابه، وشرط أهل البيت $ وأبو حنيفة وأصحابه: العدالة؛ لأن الجائر سيحمل الناس على خطيب وإمام فاسق، وقال بعض العلماء: ولو إماماً جائراً؛ لأن أهمية الجمعة فوق جميع الصلوات، واحتجوا بقوله ÷: «وله إمام عادل أو جائر».

  والظاهر أنه يقصد تعليق الحكم بأبعد النقيضين كما تقول: «زيد - وإن أكرمته - لئيم» من غير نظر إلى حصول إكرام، وإنما القصد أنه لئيم على كل حال، ومنه «نعم العبد صهيب لو لم يخف الله لم يعصه» والمراد انتفاء عصيانه مطرداً؛ إذ من البعيد ألّا يخافه.

  والمراد استمرار عدم عصيانه طرداً للباب، ومن هذا أيضاً قوله تعالى: {وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ}⁣[فاطر: ١٤]؛ لأن سماعهم ممتنع بعد قوله تعالى: {إِن تَدْعُوهُمْ لاَ يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ}⁣[فاطر: ١٤] وإنما المراد تعليق الحكم بأبعد النقيضين طرداً لامتناعه، ومنه قوله عليه وآله الصلاة والسلام - إن صح -: «أو جائر»؛ لأن إمامة النبوة لا تحصل في الفسقة؛ لقوله تعالى: {لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِين}⁣[البقرة: ١٢٤] ولقوله ÷: «لا يؤمنكم ذو جرأة في دينه».

  وأما قول الجلال: «إن الإمام يطلق على الجائر محتجاً بقوله تعالى: {أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ}⁣[القصص: ٤١] فمع أنه لا يليق بمقام الجلال وسعة اطلاعه فهو محجوج بأن النزاع ليس في صحة الإطلاق، وإلّا لَأمَّنا إمامٌ من أئمة الكفر، إنما النزاع في شرعية الوقوع، وقوله تعالى: {لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِين}⁣[البقرة: ١٢٤]، وقوله عليه وآله الصلاة والسلام: «لا يؤمنكم ..»، أبى على أئمتنا $ إلا اشتراط العدالة، وهي من المكانة بمكان.

  فائدة: اعلم أن لفظ «إمام» يأتي مفرداً نحو {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا}⁣[البقرة: ١٢٤] ويجمع على «أئمة» وأصله أَ أْمِمَة.

  ويأتي جمعاً⁣(⁣١) كما في قوله تعالى: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا}⁣[الفرقان: ٧٤].

  قال صاحب «مغني اللبيب»: إمام جمع آمم كقيام في جمع قائم، أي: اجعلنا مؤتمين


(١) فيكون «إمام» جمع «آمِم» [والآمِمُ: المؤتم] مثل صيام جمع لصائم، ونيام جمع لنائم. تمت من شيخنا.