الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

الخطبتان شرط لوجوب الجمعة

صفحة 384 - الجزء 1

  «من تكلم يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغا ومن لغا فلا جمعة له»؟! أليس هذا من جهة النظر يوحي أن الشرع قد ربط بينهما برباط وثيق، وجعلهما ذاتاً واحدة، وأن خطبته وصلاته بيان لشيء واحد هو الجمعة.

  وكذلك القياس على المسبوق: لو فسدت الجمعة على المصلي السابق له على وجه الصحة فسدت عليه أيضاً؛ لأنها لاحقة بغير منعقد على وجه الصحة فلا تسمع لتهريج الجلال | ويعلم الله أني في كثير مما أقف على كتابه، أذكر كلمتين: إحداهما للأخفش |: أن علم الجلال عظام بلا لحم، لشيخنا محمد بن صالح بن شمس الدين البهلولي | وقد أطل على مكان في المدرسة العلمية ورأى بين يديَّ كتاباً مخطوطاً ضخماً فقال: ما هو هذا الكتاب يا سيدي الصفي؟ قلتُ: هذا «ضوء النهار» فأشار إشارة المحتقر، وقال: «أيّ حِينْ هو عِلمْ يشتي يرويك أن معه عضلات وأنه يستر يخرّب ومن قد استفاد من الجلال؟». اهـ.

  وتتميماً للفائدة ودحضاً لحجة المخربين أسرد لك شيئاً من أقوال وآراء العلماء وتفسيرهم لآية السعي:

  «تفسير النسفي» ج ٢ ص ٢٥٦ ولفظه: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ}⁣[الجمعة: ٩] فامضوا، وقرئ بها، وقال الفراء: السعي المضي والذهاب واحد، وليس المراد السرعة، {إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} أي الخطبة عند الجمهور، واستدل بها أبو حنيفة على أن الخطيب إذا اقتصر على الحمد لله جاز. اهـ المراد.

  «أحكام القرآن» للجصاص ج ٥ ص ٢٣٨ - ٢٣٩: باب وجوب خطبة الجمعة قال تعالى: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} فاقتضى ذلك وجوب السعي إلى الذكر، ودل على أن هناك ذكراً واجباً يجب السعي إليه، وقال ابن المسيب: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} موعظة الإمام، وقال عمر: صلاة السفر ركعتان وصلاة الجمعة ركعتان على لسان نبيكم وإنما قصرت الجمعةُ من أجل الخطبة، ويدل على أن المراد بالذكر هاهنا هو الخطبة أن الخطبة هي التي