الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

الخطبتان شرط لوجوب الجمعة

صفحة 385 - الجزء 1

  تلي النداء وقد أمر بالسعي إليه، فدل على أن المراد بالذكر هاهنا هو الخطبة، وقد روي عن جماعة من السلف أنه إذا لم يخطب صلى أربعاً منهم الحسن، وابن سيرين، وطاوس، وابن جبير، وغيرهم وهو قول فقهاء الأمصار. اهـ المراد.

  وفي «بداية المجتهد ونهاية المقتصد» ج ١ ص ١٦٣ ما لفظه: اتفق المسلمون على أن الجمعة خطبة وركعتان بعد الخطبة. اهـ المراد.

  «الهداية» للحنفية: في تعداد شروط الجمعة، قال: ومنها الخطبة ج ١ ص ١٩٦. اهـ المراد.

  وفي «المغني» لابن قدامة الحنبلي ج ٣ ص ١٥: (مسألة) فإذا فرغ من الأذان خطبهم قائماً، وجملة ذلك أن الخطبة شرط في الجمعة لا تصح بدونها، كذا قال عطاء، والنخعي، وقتادة، والثوري، والشافعي، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي، ولا نعلم فيه مخالفاً إلا الحسن البصري، ولنا: قوله تعالى: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ}⁣[الجمعة: ٩] والذكر هنا هو الخطبة، ولأن النبي ÷ ما ترك الخطبة للجمعة في حال، وقد قال ÷: «صلوا كما رأيتموني أصلي»، وعن عمر أنه قال: قَصُرت الصلا من أجل الخطبة. اهـ المراد.

  نعم: ولماذا حَرُمَ الكلامُ حال الخطبة بأحاديث صحيحة صريحة في «الصحاح» و «المسانيد»، وسأكتفي بحديث واحد من «السنن الكبرى» ج ٢ صـ ... : عن أبي ذر قال: «دخلت المسجد يوم الجمعة والنبي ÷ يخطب، فجلست قريباً من أُبي بن كعب، فقرأ النبي ÷ سورة براءة، فقلت لأُبيّ: متى نزلت هذه السورة؟ فحَصَرَ ولم يكلمني، فلما صلى رسول الله ÷ صلاته قلت لأُبيّ: سألتك فنجهتني ولم تكلمني، فقال أُبي: (مالك من صلاتك إلا ما لغوت)، فذهبت إلى النبي ÷ فقلت: يا نبي الله كنت بجانب أُبي وأنت تقرأ براءة فسألته متى أنزلت هذه السورة فنجهني ولم يكلمني ثم قال: (مالك من صلاتك إلا ما لغوت)⁣(⁣١) فقال النبي ÷: «صدق أُبي». اهـ المراد. وأبو ذر لم يتكلم إلا أنه لم يبلغه تحريم الكلام حال الخطبة، وأُبي كان بذلك عالماً، وسورة براءة هي من آخر ما نزل، وسبحان من ألقى على لسان رسوله ÷ ما يدفع به تشويش المشوشين؛ لأنه علم ما


(١) أي ليس لك منها شيء. تمت شيخنا.