الخطبتان شرط لوجوب الجمعة
  فالمغزى من كلامه، والمراد من إيهامه أن الشرطية التي ندّعيها قد صارت مشتركة بين الخطبة وبين الصلاة، وصار الحظ الأوفر للصلاة، ومع التقسيم تضعف الشرطية!
  وهذا نوع من الجهالة، ودليل على أنه لم يظفر من علم الأصول، ما بلغه «المحصول»(١) فالشرط - كما هو مقرر عند أئمة التحقيق - لا يضعف فتناوله لمشروط واحد كتناوله لمتعدد.
  ألا ترى أنك تقول: (الطهارة شرط لمس المصحف والطواف والصلاة) وتقول للطهارة: (إنها شرط لكل واحد لا للمجموع)، فتقول: (مس المصحف شرطه الطهارة، الصلاة شرطها الطهارة، الطواف شرطه الطهارة)؛ لأن الشرط لا يتجزأ، فلا يقال في عرف الأصوليين: (جزء شرط) ولا (جزء مانع) كما يقال: (جزء علة)، وهذا مقرر في مظانه، وقد خفي على الشوكاني هذا، فهذى به هاهنا، وبيّنا خلوه عن إصابة الحق.
  وإذ جرى القلم بأن الخطبة شرط انعقاد فلابد من الإيماء إلى ما ذكره الإمام الحسين من خلاف الإمام الأعظم زيد بن علي #، وأن مدرك الركعة إذا أتم صلاته فقد أدرك الجمعة، وهو الحق؛ لأنه أدرك ركعة من صلاةٍ قد انعقدت وصحت، فلو أدرك الركوع من جمعة لا خطبة فيها لم تصح للكل [السابق واللاحق] فلو أدرك ركوعاً في رباعية - مثلاً - لم يكبَّرْ فيها تكبيرةُ الإحرام، فصلاةُ اللاحق باطلة؛ لأنه لحق بصلاة لم تنعقد ولم تصح، فرأي الإمام زيد # في المحز.
(١) إشارة إلى كتاب «المحصول» في أصول الفقه للرازي.