الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

الخطبتان شرط لوجوب الجمعة

صفحة 386 - الجزء 1

  سيكون، وقد علم أنه سيجيء في آخر الزمان من يجعلون الجمعة عضين، كما وجد في زمان رسوله مَن جعلوا القرآن عضين، فأرادوا أن يفرقوا بين الجمعة وشرطها (الخطبتين) ويفصلوا بين واجبين، فأجرى الله على لسان رسوله ما يبهتهم ويذيب باطلهم ويدمغ حجتهم.

  فربط ÷ بين الخطبة وبين الصلاة بقوله: «مَن لغا فلا جمعة له» بمعنى أنها جزء منها وسُلّمٌ إليها، فلا وصول إلى الجمعة إلا بالخطبة.

  فإن قلت: من أي الشروط هي؟ أشرط وجوب أم صحة أم انعقاد أم أداء؟

  قلتُ: أما شرط وجوب فلا؛ لأنها⁣(⁣١) لو كانت شرط وجوب لما وجب تحصيلها؛ لأن تحصيل شرط الواجب ليجب لا يجب، ولا هي أيضاً شرط صحة؛ لأنها - أي الخطبة - لو كانت شرط صحة لوجب أن تصاحب المشروط - الذي هو الصلاة - إلى آخره، كالوضوء، وليست كذلك، وإنما هي شرط انعقاد، فلا تنعقد الجمعة إلا بها، فافهمْ، ولا تسمع لوشوشة مَن يُخذّل أو يثبّط عنها.

  قال في «البحر» ج ٢ ص ٢٧ ما لفظه: وإذا مات الإمام الأعظم حالَ الخطبة أتمت جمعة إجماعاً؛ إذ هو شرط لانعقادها لا لتمامها. اهـ المراد.

  وبالله أي الأمرين أرضى لله ورسوله؟: حضّ الناس على إقامة ما أقامه المصطفى عن أمر الله سبحانه، ودرج عليه أيضاً السلف الصالح من عهد النبي ÷ إلى عصرنا الحاضر، وتحذيرهم من الرغبة عنها، أو إثارة الشكوك في وجوبها وإرخاص ثمرتها، وأنها كسائر الصلوات - كما زعم الشوكاني فيما سبق -؟! فأحدهما لا شك - وهو الأول - أرضى لله؛ لأنه هَدْي رسول الله عن أمر الله {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيم}⁣[الشورى: ٥٢]، والصدُّ عنها مرضاة لعدو الله وعدوك الشيطان الرجيم، وأما قول الشوكاني: «ليس السعي لمجرد الخطبة بل إليها وإلى الصلاة ومعظم ما وجب السعي إليه هو الصلاة» اهـ.


(١) أي الخطبة.