الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

وجوب تعريف المريض بالله وما يجوز عليه وما لا يجوز

صفحة 416 - الجزء 1

  لمحاربة الله ورسوله بإيذاء العترة المطهرة ومن معهم.

  كل هذا؛ لأن أفئدتهم من العقيدة خالية، ومن غروسها خاوية، لا نجد فيهم وقار العلماء، ولا خشية العارفين، ولا حفظ ألسنتهم عن أعراض المؤمنين، وإنما يأنسون بقرض أعراضهم، وسب أحيائهم وموتاهم، وتضليلهم، في كتب تدرّس في المساجد على أيدي فقهاء محسوبين على اليمن الميمون تسمم بها أفكار الشباب، وهي سراب في سراب.

  وكنت قد حررتُ رسالة لم تنشر، أوضحت فيها أن الأنبياء والعلماء هدفهم واحد وغايتهم واحدة ورسالتهم واحدة وهي الدعوة إلى الله وإنقاذ الناس من الضلال والانحراف، وأن عدو الأنبياء هو عدو العلماء، وأن العلماء العاملين والأنبياء أغصان افترّ عنها دَوْحة واحدة، ومن هنا ترى القرآن يذكر العلماء ولا يذكر الأنبياء وهم مقصودون قصداً أولياً كقوله تعالى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ}⁣[آل عمران: ١٨] فذكر سبحانه العلماء ولم يذكر الأنبياء وهم مقصودون؛ لأنهم من أولي العلم، وكقوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالإِيمَانَ}⁣[الروم: ٥٦]، {قَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالْسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِين}⁣[النحل: ٢٧] والأنبياء معهم وإن لم يُذكروا.

  وحيناً يذكر الأنبياء ولا يذكر العلماء وهم مقصودون كقوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِّنَ الْمُجْرِمِينَ}⁣[الفرقان: ٣١]، {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ}⁣[الأنعام: ١١٢].

  فالعلماء مقصودون، لأن حَرْب النبي ليست لذاته وشخصه، وإنما لما يُبَلّغ به عن الله، والعالم التقي هو وارث النبي يبلغ عن الله حجته، ويبين سلطانه، ويدعو بدعوة النبي.

  فعدوُّه عدوّ النبي ÷، فكما وُجِد أعداء من المجرمين لرسول الله كأبي جهل وأضرابه، وجد لأمير المؤمنين - كرم الله وجهه - أعداء من المجرمين كمعاوية وأشباهه، وعلى هذه فقس ما سواها، فأعداء الأولياء هم أعداء الأنبياء.