الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

وجوب تعريف المريض بالله وما يجوز عليه وما لا يجوز

صفحة 415 - الجزء 1

  بابُ علمِ المصطفى إن تأته ... فهنيئاً لك بالعلم مريّا

  وعنه أخذ الحسنان وسائر العترة $ وسائر علماء العدل والتوحيد - رحمهم الله جميعاً -، وسيأتي في بحث نبين فيه من هم المعتزلة؟

  هذا هو علم الكلام، علم التوحيد الذي دعا رسول الله إلى تعلمه، وسمّاه ÷ رأس العلم في الحديث الصحيح، نعم: ثم نسي أنه يكفي أن تعلم أنه لا إله إلا الله، وأن هذا هو التوحيد! وهذه مقالة أهل الزيغ، فإبليس يعلم أنه لا إله إلا الله، وكيف يكون مجرد علم توحيد أو التوحيد هو الإيمان، والإيمان المطلوب هو اعتقاد بالجنان وقول باللسان وعمل بالأركان؟!

  ثم قال: «وعلمه بأنه ليس كمثله شيء هو التنزيه» اهـ.

  يعني مجرد علمه بذلك كافٍ وإن لم يعمل به كمن يقول بالتجسيم والتشبيه!

  هؤلاء عند الشوكاني منزِّهون لله سبحانه حتى لو أثبتوا الطلوع والنزول والجلوس على الكرسي والاستواء.

  ثم قال: «إن هذا العلم - علم التوحيد - رد للقرآن، ومبني على شفا جرف هار» اهـ.

  أقول: {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ}⁣[الكهف: ٥] إنما هو علم مبني على آيات التوحيد والتنزيه والتمجيد كآية الكرسي وآخر الحشر وقل هو الله أحد و {لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ}⁣[الأنعام: ١٠٣] و {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}⁣[الشورى: ١١]، ولكن مَن جَهِلَ شيئاً عابه.

  ثم لا يخفاك أن جرأته وجرأة أمثاله على مثل هذه المقالة، وتوليتهم من السلطان الظالم، وتزلفهم إلى الظلمة وموالاتهم لأولياء الكفر، سبب هذا كله عدم رسوخ العقيدة النافعة الصافية، واقتصارهم على علم الحديث وبعض العربية ونُتَف من أصول الفقه، وعدم قراءة علم التوحيد الذي هو رأس العلوم وأساسها، ولم يكتفوا بحرمانهم منه حتى أوضعوا⁣(⁣١) في الحيلولة بين طلاب الحق وبينه، وذمّوه، وذمّوا حملته، ونصبوا أنفسهم بهذا


(١) أسرعوا ومنه قوله تعالى: {ولأَوْضَعُوا خِلاَلَكُمْ}. تمت شيخنا.