الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

دعوة وهابية لهدم القبة المحمدية

صفحة 451 - الجزء 1

  أقول: لو كانت هذه القضية من مقدّسات الإسلام التي لا يجوز مساسها ولا العدول عنها أو محرماً قطعياً أصبح يعمل به جهرة والدولة آذنة له، كالزنا والحرابة وموالاة أعداء الله تعالى ومعاداة المؤمنين، والكيد للمسلمين، وإرسال المخربين إلى مساجدهم لكانت هذه النفحة كفاءها وحامية لجوانبها، ولقيل لكاتبها: يرحمك الله أعطيت المقام حقه، وبلّغت ما تبرأ به ذمتك، وأقمت حجة الله على العاصي، لكنها جاءت وطرحت بكلاكلها على مسألة خلافية وهي تسنيم⁣(⁣١) القبر أو تسطيحه⁣(⁣٢).

  والمسألة خلافية بين مَنْ هم أعلى كَعْباً وأشد مخافة لله من صاحب المقالة.

  فذهب الإمام الشافعي إلى اختيار التسطيح، وأئمتنا وأبو حنيفة وأصحابه إلى التسنيم، ولكل دليله، قال في «بدائع الصنائع» ج ١ ص ٤٧٤ ما لفظه:

  ويسنم القبر ولا يربَّع، وقال الشافعي يربّع ويسطح، لما روى المزني بإسناده أن رسول الله ÷ لما توفي ابنه إبراهيم جعل قبره مسطحاً.

  ولنا ما روي عن إبراهيم النخعي أنه قال: أخبرني مَنْ رأى قبر رسول الله ÷ وقبر أبي بكر وعمر أنها مسنمة.

  ولأن التربيع من صنيع أهل الكتاب والتشبه بهم فيما منه بد مكروه.

  وما روي من الحديث محمول على أنه سطح قبره أولاً ثم جعل التسنيم في وسطه.

  ومقدار التسنيم أن يكون مرتفعاً في الأرض قدر شبر أو أكثر قليلاً. اهـ المراد.

  وفي «تلخيص الحبير» ج ٢ ص ١٣٢: أن القاسم بن محمد جاء إلى أم المؤمنين عائشة فقال: يا أمّاه اكشفي لي عن قبر رسول الله وصاحبيه، فكشفت لي عن ثلاثة قبور لا مشرفة ولا لاطية، أبو داود والحاكم، ورواه الحاكم من حديث سفيان أنه رأى قبر رسول الله ÷،


(١) رَفْعُه على الأرض.

(٢) أي على سطح الأرض لا يُرفع.