الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

كراهة استقبال القبلة عند قضاء الحاجة

صفحة 46 - الجزء 1

  بخصائص لا يشاركونه فيها غير أنها نادرة بل أندر من النادر بالنسبة إلى الأحكام المشترك فيها، وغير ذلك فما من أحد من آحاد الفعل إلاَّ واحتمالُ مشاركة الأمة للنبي # فيه أغلب من احتمال عدم المشاركة إدراجاً للنادر تحت الأعم الأغلب فكانت المشاركة أظهر) ا هـ المراد.

  فقول الإمام #: (دل ذلك على وقوع النسخ) في المحَزِّ⁣(⁣١)، ولئن كان قد تأخر فهم الشوكاني عن فهم الناسخ ولم يفهمه إلاَّ من حديث «حَوِّلوا مقعدتي»⁣(⁣٢) فقد فهمه الإمام من الفاء واقتضائها التعقيب، وهو مأخذ لغوي صحيح.

  وفي (شرح عمدة الأحكام) لابن دقيق العيد ج ١ ص ٥٦ - بعد إيراده لحديث النهي عن استقبال القبلة ولحديث ابن عمر - قال: (هذا الحديث يعارض حديثَ أبي أيوب⁣(⁣٣) المتقدم من وجه، وكذلك ما في معنى حديث أبي أيوب، واختلف الناس في كيفية العمل به؟ فمنهم من رأى أنه ناسخ لحديث المنع واعتقد الإباحة مطلقاً) ا هـ المراد.

  فلا وجه للتشويش في أمر واضح قد قال به من الصحابة والتابعين وأعلام علماء المذاهب مَنْ قال.

  وفي (المغني) لابن قدامة ج ١ ص ٢١٠ ما لفظه: «وقال عروة بن ربيعة وداود: يجوز استقبالها واستدبارها؛ لما روى جابر قال: نهى رسول الله ÷ أن تُستقبل القبلةُ ببولٍ فرأيتهُ


(١) الحَزُّ: هو القطع والمحز المقطع الفاصل بين العظمين ومنه قول الشاعر:

وكم ذُدتَّ عني من تحامل حادث ... وسورة أيام حَزَزْنَ إلى العظم

(٢) إشارة إلى ما روته عائشة قالت: «ذكر لرسول الله أن الناس يكرهون استقبال القبلة بفروجهم فقال: «أَوَ قد فعلوا؟ استقبلوا بمقعدتي هذه إلى القبلة» والحديث الذي رواه عروة بن الزبير حيث قال: «حولوا مقعدتي هذه إلى جهة القبلة» وهذا الحديث طُعِن فيه وفي راويه؛ والمقْعَدة مكان القعود، ولعلها آلة كان يقعد عليها وقت قضاء الحاجة والوضوء، قال الألباني عنه في (سلسلة الأحاديث الصحيحة): «حديث منكر». وقال شعيب الأرنؤوط في تعليقاته على (مسند أحمد بن حنبل): إسناده ضعيف على نكارة فيه.

(٣) إشارة إلى ما رواه أبو أيوب الأنصاري عن النبي ÷ أنه قال: «لا تستقبلوا القبلة بغائط ولا بول ولكن شرقوا أو غربوا» والحديث أورده الإمام الهادي في «المنتخب» وأخرجه أحمد ومالك والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة.