الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

زكاة الجواهر واللآلئ

صفحة 469 - الجزء 1

  ثم امتدت حملته في آخر بحثه حتى نالتْ آية الصدقة فقال: «على أن الآية التي أوقعت كثيراً من الناس في إيجاب الزكاة فيما لم يوجبه الله، وهي {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ}» اهـ.

  ولا شك أنه بالغ في قلة الأدب، وجَمَحَ حتى سَقَط القَتَب.

  وسأبيّن لك أن بحث الشوكاني ليس له في التحقيق أساس ولا غراس، وإنما هوى متَّبَع.

  فقد أوهم في كلامه المعمَّى، وخبطه المغمَّى، أن آية الصدقة إضافتُها إضافةُ عَهْد، ولم يبيّن أيّ عهد هو؟! ذكري أو ذهني أو حضوري؟

  أما الذكري فلا وجود له في نظم القرآن أي في الآية المذكورة، وأما الذهني فلا دليل عليه، وأما الحضوري فيمكن أن يكون هو، وغرضه أن الإضافة تفيد معنى الحضور كما في {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}⁣[المائدة: ٣] فتتناول المال الحاضر لديهم، والمملوك لهم الذي يتمولون به، ولا دليل فيها على تناول الدرّ والياقوت؛ لعدم حضورها عند العرب وإنما هو موجود في الفرس والروم. اهـ.

  فجعل الشوكاني عدم تملّكهم لتلك النفائس مخصِّصاً لعموم الآية، وهي هَذْرمة مبتذلة لا تثمر إلا غثيان النفس، وكأنه لم يعلم أن رسالة رسول الله ÷ إلى الأسود والأحمر وأنه سيبلغ الإسلام إلى مالكي هذه الأعيان، ثم إنهم على ما سبق للقاضي مكلّفون بالزكاة وإن لم يُسْلموا؛ لأن الكفر مانع من الصحة⁣(⁣١) مقدورة إزالته، فلا تنافي بين إيجابه عليهم وعدم وجود شرط صحته على ما سبق له، فتتعين الإزالة.

  وقد قال في آخر تعليقه السابق على [اشتراط الإسلام في وجوب الزكاة]: «فخذها قاعدة كلية في كل باب من الأبواب التي يجعلون الإسلام فيها شرطاً للوجوب» اهـ. هكذا كلامه.

  وبحثه السابق لم يجف منه القلم، لكن مسائله لمّا لم تكن عن دراسة وتحقيق تلاشت


(١) وليس مانعاً من الأداء. تمت شيخنا.