لا زكاة في الوقص
  وغيرهم قد فهموا من أحاديث الفريضة حين يقول فيها: «كذا إلى كذا ثم لا شيء فيها حتى تبلغ إلى كذا»، أن ما بعد «إلى» مخالف للحكم فيما قبلها؛ لأنها غاية ولا يجوز أن يستوي فيما قبلها وما بعدها، وها هي أحاديث الفرائض مصرحة بعدم الوجوب في قليل بعد النصاب مثل عدم وجوبه مع النصاب وتسمى الأوقاص، وفي الجزء الثاني من «نصب الراية» ص ٢٤٨ من حديث معاذ فيما رواه طاوُس عن ابن عباس قال: بعث رسول الله ÷ معاذاً إلى اليمن فأمره أن يأخذ من كل ثلاثين من البقر تبيعاً أو تبيعة، ومن كل أربعين مسنة، قالوا: فالأوقاص؟ - يعني ما بين الفريضتين - قال: (ما أمرني رسول الله ÷ فيها بشيء وسأسأله إذا قدمتُ عليه) فلما قدم على رسول الله ÷ سأله فقال: «ليس فيها شيء» اهـ المراد.
  ثم اقرأْ كتاباً من كتب فرائض الزكاة: «كتاب عمرو بن حزم» أو «كتاب أبي بكر» أو «كتاب عمر» ستجدها كلها نافية للوجوب عما بين الفريضتين بالبراءة الأصلية ليس فيها شيء ما لم يبلغ النصاب؛ لأن المصدق لا يعدّها ولا يحسبها.
  وأما قوله: «إن الحديث حجة على الإمام لا له لأن في الحديث قيداً» اهـ.
  فهذا من جهله المركب؛ لأن «حتى» غاية باتفاق النحاة لا قيد، وإذا كانت غاية فحكم ما بعدها مخالف لما قبلها، ولو تنزّلنا وجعلناها قيداً فهي قيد لحصول الحكم، ويكون الحكم عدماً حتى يحصل الحكم فيحصل بحصوله كما إذا قلت: (ليس على الصبي شيء من التكاليف الشرعية حتى يبلغ) أو: (رفع القلم عن الصبي حتى يبلغ) فقد قيّد التكليف بالبلوغ، وقبل البلوغ لا شيء من التكليف عليه فأين عَزَب عنه رُشْدُه؟!