(الخليطان يتراجعان بالسوية)
  أقول: أولاً قول الشوكاني: «الثلاثة الأرباع» بتعريفهما خلاف الفصيح.
  ثانياً: لا يخفاك أنه جهل الفرق بين الخليط والشريك فجاء كلامه مزدوجاً غير مركز، وظن أنهما شيء واحد.
  وحين بنى على هذا الفهم القاصر قال في مناقشته: «وثبت التراجع بين الشريكين».
  ثم قال: «فإن كانت الشاة المأخوذة مختصة بأحدهما رجع على شريكه» اهـ.
  مع أن الشريك مالك في الأصل، فإذا كان بينهما تسعون ناقة مشتركة: لرجلين ثلثان وثلث، فلصاحب الثلث ثلث كل ناقة، ولصاحب الثلثين ثلثا كل ناقة، فإذا أخذ المصدِّق ناقة من نوقهم فلا مُرادَّة بينهما؛ لأن فيها لكليهما بقدر نصيبه، مع أن مراد الأحاديث والعلماء بالخلطة اتحاد الراعي والمراح والمرعى لا شركة في الذوات ويسمى خلطة {إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَاب ٢٣ قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنْ الْخُلَطَاء}[ص: ٢٣ - ٢٤] الآن سمّاها خلطة، وهذه هي المرادة وليست الشراكة، وحَمْلُ الفقيه الأحاديث أو تسميتُها شركة سوءُ فهْم.
  ثم قال: «وإذا كان لهما مائة شاة لأحدهما ربعها وللآخر ثلاثة أرباع فليس عليهما إلا شاة واحدة فإن أخذها المصدّق من غنم صاحب الثلاثة الأرباع رجع على صاحب الربع بقيمة ربعها وإن أخذها من غنم صاحب الربع رجع على صاحب الثلاثة الأرباع بثلاثة أرباع القيمة» اهـ.
  نعم هذا مذهب لبعض العلماء، ولا وجه لاحتقار آراء العلماء والطَّنْز(١) ووصف كلامهم بأنه لا طائل تحته، فأهل القول الذين يدعمهم الشوكاني جعلوا أحاديث الخلطة مخصصة للأحاديث المتواترة القاضية بأنه لا زكاة في العين ولا في الماشية ولا في الحرث، إلا إذا بلغ حداً معلوماً فرضه الشرع، فهو كالشرط الشرعي للوجوب، كما أن الحول سبب، فالنصاب شرط وصارت قضية كلية مرعية، وأهل القول الذين قالوا بقول الإمام ومن
(١) السخرية.