(الخليطان يتراجعان بالسوية)
  معه وهم العترة والحنفية وغيرهم قالوا: إن المخصِّص الذي عوّل عليه مخالفوهم لا يصلح مخصِّصاً لقضية قطعية وهي قوله ÷: «لا يُجْمع بين مفترق ولا يُفَرَّق بين مجتمع» لأنه يمكن أن يكون المقصود بهما السعاة، وهو نهي لهم أن يقسموا مال الرجل الواحد قسمة توجب عليه كثرة الصدقة، مثل: رجل يكون له مائة وعشرون شاة فتقسم عليه إلى أربعين ثلاث مرات، أو يُجْمَعُ ملكُ رجلٍ واحد إلى ملك آخر حيث يوجب الجمع كثرة الصدقة.
  قالوا: وإذا كان هذا الاحتمال في هذا الحديث وَجَبَ ألا تُخَصَّص به الأصول الثابتة المجمع عليها، يعني أن النصاب والحق الواجب في الزكاة يعتبران. اهـ.
  وفي «الموطأ» للإمام مالك ج ٢ ص ١١٩ ما لفظه: على الخليطين حتى يكون ما لكل واحد منهما ما تجب فيه الصدقة، وتفسير ذلك: إذا كان لأحد الخليطين أربعون شاة فصاعداً، وللآخر أقل من أربعين شاة كانت الصدقة على الذي له الأربعون، ولم يكن على الذي له أقل من ذلك صدقة. اهـ المراد.
  وفي «البخاري» ج ٢ ص ١٤٤ ما لفظه: باب ما كان من خليطين فإنهما يتراجعان فيهما بالسوية، وقال طاووس وعطاء: إذا علم الخليطان أموالهما فلا تجمع أموالهما، وقال سفيان: لا تجب حتى يتم لهذا أربعون شاة وهذا أربعون شاة. اهـ المراد.
  والمشهور عن البخاري أن فقهه في تراجم الأبواب أو في أثر صح عنده يجيء به إثر الحديث، وبهذا يتبين أن كلام الشوكاني لا طائل تحته، والمسألة خلافية، ولكلٍ مأخذه ولا مؤاخذة، وما على العالم من عيب إذا خدم مذهب العترة الطاهرين الذين أوجب النبي ÷ على أمته التمسك بهم وبكتابه الكريم في حديث الثقلين المتواتر؟!
  وماذا عليه إذا اتَّبع مذهب آبائه وهم أئمة أعلام كما قال يوسف سلام الله عليه: {وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَآئِي ...} الآية [يوسف: ٣٨].
  فهو بناء على خير يقين خير من كلام مُهَبِّشٍ(١) لا مذهب له.
(١) هَبّش: جمع وكسب واحتال.