الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

الزكاة في الخضروات

صفحة 479 - الجزء 1

  الأئمة الأطهار وسائر علماء الأمة، يأتي ممن يظنّ الناسُ أنه من أهل مذهبهم!

  وهو كما قال الله تعالى: {لَوْ خَرَجُوا فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ولأَوْضَعُوا خِلاَلَكُمْ}⁣[التوبة: ٤٧].

  وقلتُ قبلاً أكثر من مرة: إنه لا يلام؛ لأنه يفرغ حقداً في صدره لا يستريح إلا بتفريغه وإيلام غيره، ولو لغير سبب كالحشرات المؤذية، ومع أن الخلاف في طول المسائل الفروعية وعرضها، وكتب الناس مبثوثة فيها قولهم وقول مخالفيهم وحجتهم وحجة من يخالفهم من دون تشهير ولا استهزاء ولا عبارات سخرية ولا طَنْز إلا عند هذا الفقيه الوحيد المنفرد بهذه المذمة فهو لا يستريح إلا حين يسخر ويَطْنِز.

  وحديث «ليس في الخضروات صدقة» إليك ما قيل فيه نقلاً عن «شرح فتح القدير» لابن الهمام ج ٢ ص ١٨٨، بألفاظ متعددة سوقها يطول: في «الترمذي» من حديث معاذ، وقال: إسناده ليس بصحيح، وليس يصح في هذا الباب عن النبي ÷ شيء.

  وروى الحاكم هذا المعنى أيضاً وصححه، وغُلِّط بأن إسحاق بن يحيى تركه أحمد والنسائي وغيرهما، وقال أبو زرعة: موسى بن طلحة وهو الراوي عن معاذ مرسل عن عمر، ومعاذ توفي في خلافة عمر برواية موسى عنه مرسلة، وما قيل: إن موسى هذا ولد في عهد النبي ÷ وسمَّاه ولم يثبت. اهـ.

  وفي آخر البحث قال: وما ذكره المصنف من أن المنفي أن يأخذ منها العاشِرُ⁣(⁣١) إذا مرّ بها عليه ويشير إليه لفظ هذا المرسَل إذ قال: «نُهيَ أن يؤخذ» وهو لا يستلزم نفي وجوب أن يدفع المالك للفقراء والمعقول من هذا النهي أنه لما فيه من تفويت المصلحة على الفقير؛ لأن الفقراء ليسوا مقيمين⁣(⁣٢) عند العاشر، ولا بقاء للخضروات فتفسد قبل الدفع إليهم، ولذا قلنا: (لو أخذ منها العاشر ليصرفه إلى عُمالته كان له ذلك) اهـ المراد.


(١) الذي يأخذ العُشُر.

(٢) حاضرين.