الفرق بين العام وصيغ العموم
  وقولُه ÷: (صُمْ يوماً مكانه)(١) عامٌّ في كل يوم غير المنهي عن صومها، ولولا عمومها وصدقها على كل يوم لما أجزأه اليوم الذي صامه، ويسمى عند النحاة نكرةً شائعاً في جنسه، وعند الأصوليين: مُطْلَقاً، فقوله تعالى: {تحرير رقبة} صادقة على كل رقبة على سبيل البدل فتبرأ الذمة بواحدة.
  ثم قال الشوكاني: «لأن أسماء الأجناس لا تفيد العموم إلا إذا وقعت في سياق النفي وكانت نكرات» ا هـ كلامه.
  أقول: هنا ملاحظتان:
  أولاهما: لا حاجة إلى قوله: «وكانت نكرات» لأن (لا) النافية للجنس مدخولها نكرة كما هو مقرر في مظانه، ولهذا لا يصح: (لا رجلَ في الدار ولا زيدٌ).
  وإذا دخلت (لا) على معرفة فإنما هي على التأويل كقولهم: قضيّةٌ ولا أبا حسن لها - أي لا فَيْصَلَ -.
  ولا هَيْثَمَ(٢) الليلةَ للمَطِيِّ(٣).
  وقوله: نَكِدْنَ ولا أُمَيَّةَ في البلادِ(٤).
  فهذه على التأويل.
  والثانية: قوله(٥): «إذا كانت أسماء الأجناس معرَّفة تعريفاً يستلزم عمومها بالألف واللام، فالألف واللام من صيغ العموم» ا هـ كلامه.
  أقول: لا شك أن نحو (الرجال) و (النساء) تَعُمُّ، وإذا قلتَ: (جاءني الرجال والنساء)
(١) هذا حديث أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» عن سعيد بن المسيب قال: جاء رجل إلى النبي ÷ فقال: إني أفطرت يوماً من رمضان؟ فقال له النبي: «تصدق واستغفر وصُمْ يوماً مكانه».
(٢) هيثم علم رجل كان حسن السوق للإبل، والمطي: الجمال ومعنى «لا هيثم الليلة» لا مجري ولا سائق كسوق هيثم.
(٣) تمامه: ولا فتى إلا ابن خيبريِّ.
(٤) أوله: أرى الحاجات عند أبي خُبيبٍ، ومعنى «ولا أمية» أي ولا أمثال أمية. اهـ.
(٥) أي الشوكاني.