الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

الفرق بين العام وصيغ العموم

صفحة 50 - الجزء 1

الفرق بين العام وصيغ العموم

  قال الإمام: (دل على قبح الاستنجاء بالعظمِ والرجيعِ فالعظمُ عامٌّ في كل عَظْمٍ لأنه اسم جنس) ا هـ كلام الإمام.

  قال الشوكاني: «قوله: فالعظم عام في كل عظم لأنه اسم جنس، أقول: صيغ العموم معروفة مدونة في الأصول» ا هـ كلامه.

  أقول: لم يَفْرِق الشوكاني بين العامِّ وصيغ العموم وإليك الفرق بينهما:

  صيغ العموم ألفاظ محصورة وهي: (كلٌّ وجميع ومَنْ ومَا وأيّ) وأُلْحِقَ بها النكرة في سياق النفي أو النهي أو الشرط والجمع المعرَّف⁣(⁣١).

  واللفظ العام الذي أراده الإمام هو اللفظ الذي يصلح له⁣(⁣٢) ويستغرقه إما على سبيل البدل كإكرام رجل وإطعام مسكين وعتق رقبة، فإنه صالح لكل فرد على سبيل البدل، وهذا هو الجنس الذي أراده الإمام⁣(⁣٣) حين قال: (إنه اسم جنس) ومنه قوله تعالى: {الْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ}⁣(⁣٤) دالة على كل عين وأنفٍ وسنٍّ على سبيل البدل وانظر إلى قول العلامة جار الله في شرح قوله تعالى: {إنِّي وَهَنَ العَظمُ مِنِّيْ} وأنه أراد جنس العظام لا عظماً واحداً قال في (الكشاف) (ج ٣ ص ٤):

  وإنما ذكر العظم لأنه عمود البدن وبه قوامه وهو أصل بنائه. اهـ. إلى أن قال: ووحّده (العظم) لأن الواحد هو الدال على معنى الجنسية، وقَصْدُه إلى أن هذا الجنس - يعني لا عظماً واحداً - الذي هو العمود والقوام وأشد ما تركب منه الجسد قد أصابه الوهن. ا هـ المراد.


(١) مثل الرجال.

(٢) يصلح للمسمى ولغيره فالعظم يصلح للملفوظ به ولكل عظم.

(٣) في قوله: فالعظم عام ... إلخ. اهـ.

(٤) سورة المائدة - آية ٤٥.