الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

من لا تحل له الصدقة

صفحة 525 - الجزء 1

من لا تحل له الصدقة

  قال الشوكاني: «قوله: دلت هذه الأخبار على تحريم الصدقات على بني هاشم ... إلخ، أقول: الأحاديث القاضية بتحريم ذلك عليهم قد تواترت تواتراً معنوياً ولم يأت مَنْ خادَعَ نفسه بتسويغها بشيء ينبغي الالتفات إليه بل مجرد هذيان هو عن الحق بمعزل، كما فعله الجلال في رسالة له في هذا الشأن فإنه أطال وما أطاب، وأكثر من التدقيق فما أصاب، وقد أجاب عليه بعض أهل العلم بجواب ظاهري من دون مضايقة له في القناطر المبنية على شفا جرف هار» اهـ كلامه.

  أقول: سأنقل لك ما رقمه صاحب «ضوء النهار» ج ٢ ص ٣٤١، ص ٣٤٢ ولفظه: ولا يحل أيضاً أخذ الهاشميين لها خلافاً لأبي حنيفة وقول لمالك مطلقاً، وللإصطخري إذا مُنِعُوا الخمس، لنا حديث «إن هذه الصدقة أوساخ الناس وأنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد» وفي رواية «لا تنبغي لمحمد ولا لآل محمد» ثم حكى من خرّجه من أصحاب السنن، وحديث أنس وأبي هريرة «أن الحسن بن علي أخذ تمرة من تمر الصدقة فجعلها في فيه فقال له رسول الله: كخ كخ ارم بها أما علمتَ أنا لا نأكل الصدقة» وفي رواية «أنا لا تحل لنا الصدقة» وفي «الصحيحين» وأبي داود من حديث أنس أن رسول الله ÷ مرّ بتمرة في الطريق، فقال: «لولا أني أخاف أن تكون من الصدقة لأكلتها» وفي «الصحيحين» من حديث أبي هريرة «كان رسول الله ÷ إذا أوتي بطعام سأل عنه، فإن قيل: «هدية» أكل، وإن قيل: «صدقة» لم يأكل منها، وقال لأصحابه: «كلوا» قالوا: ترفَّعَ عن المن بدليل «لا تنبغي» إذ ذلك في اللغة عبارة عن اتّباع الأَوْلى، والنزاعُ في الحرمة المستلزمة للعقاب، وترك الأولى لا عقاب عليه اتفاقاً ويشهد لذلك ما أخرجه أبو داود من طريقين عن ابن عباس ® قال: (بعثني أبي إلى النبي ÷ في إبل أعطاها إياها من الصدقة) زاد في إحدى الطريقين: «أن يبدلها» قلنا: فعل لا ظاهر له فيجوز أن تكون قضاء عن قرض، فقد كان ÷ يقترض منه، ولأن الحديث بلفظ: «لا تحل» قالوا: نفي الحل لا يستلزم الحرمة؛