الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

من لا تحل له الصدقة

صفحة 526 - الجزء 1

  لأن الحل الإباحة ونفي الإباحة أعم من التحريم؛ لأنه يشمل المكروه، قلنا: أوساخ الناس وأكل الوسخ حرام، قالوا: مجاز ولو كان حقيقة لزم على كل مكلف، ولو سُلِّم فإنما يصير غُسَالة بقبض المصرف أو وكيله أو الإمام لها وبعد قبضه أو وكيله يصح أكل الهاشمي لها من بعده لحديث أبي سعيد المقدم آنفاً، ولو سُلِّم فكالميتة تحل للمحتاج من غير شرط خيفة تلف نفس أو عضو كما سنحققه في «الأطعمة» إن شاء الله، والنزاع في حلها للفقير لا للغني، فالتحريم على الغني عام للهاشمي وغيره، قلنا: كان آل محمد ÷ فقراء؛ لقوله تعالى: {لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا ...}⁣[الحشر: ٨] وقد كانوا كذلك ولم يحلها لهم، قالوا: بل أغنياء بالخمس لحديث «إن لكم في خُمُس الخُمُس ما يغنيكم» أخرجه الطبراني من طريقين حسنها ابن حجر عن ابن عباس مرفوعاً وهو أيضاً عند أبي نعيم في «المعرفة» من حديث نوفل بن الحارث، ويشهد له ما في حديث عبد المطلب المقدم من أنه ÷ أمر محميَّه وكان عامله على الخمس أن يُصَدِّق عنه وعن الفضل بن عباس في نكاحهما من الخُمُس، وكانا سألاه العُمَالة⁣(⁣١) وذلك ظاهر في أنه لم يحلها لهم لغناهم بالأخماس وهي علة صريحة يجب قصر الحكم على محلها ومن ذلك أحال الإصطخري حجته على حلها لهم إذا مُنِعُوا الخمس كهذه الأعصار، وأما أبو حنيفة فجعل علة منعهم هي التهمة⁣(⁣٢) (⁣٣) للنبي ÷ لو ملّكهم منها، فاجتنبه⁣(⁣٤) لذلك؛ تحقيقاً لقوله تعالى: {قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}⁣[الشورى: ٢٣]، ولهذه العلة⁣(⁣٥) أخّر النبي ÷ النص على خلافة الوصي # إلى يوم الغدير، فقوله في حجة الوداع حذراً من التهمة التي صرح بها بعض المخذولين في خبر الغدير قال أبو حنيفة: فإذا كانت العلة هي التهمة فقد زالت بموته ÷ على المنع⁣(⁣٦) ولم يبق مقتض للتحريم لزوال المانع ووجود المقتضي وهو الفقر ونحوه، ومن ذلك يلزم بأن المراد بآل محمد في الحديث مَنْ في عصره ÷ كما هو أيضاً مدلول الإضافة،


(١) أن يكونوا من العاملين على الزكاة.

(٢) أي تهمة النبي بأنه يجمع الزكاة لأهل بيته. تمت شيخنا.

(٣) مقصود أبي حنيفة أنه بعد موت النبي قد زالت العلة [التهمة]. تمت شيخنا.

(٤) العطاء لأهل بيته من الزكاة.

(٥) التهمة [فلو نصَّب النبي علياً قبل الغدير لاتهمه الناس]. تمت شيخنا.

(٦) من العطاء من قِبَل النبي ÷.