الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

لا زكاة لمن تجب نفقتهم

صفحة 533 - الجزء 1

  على عمد في هذه المزالق، فيلجأ إلى إنكار حجة لخصمه أو أنها لا تنفع في المقام، كما يقول في أكثر من مقام: «أما دعوى الإجماع فهي كالإجماعات التي تقدمت والتي قدمنا» اهـ!.

  وإني لأعجب من إصراره على دعم باطله، ونصرة هواه، مع إفلاسه من الدليل، ووقوفه موقف الذليل، ومع هذا فيجيء بقول شاذ مخالف لأقوال العلماء، ويدّعي أن الحق في حوزته، وكأنه أحد المعصومين أو الملهَمين، وليس معه شيء من آية أو حديث أو إجماع، ويسخر بالدليل وبمن استدل به!

  وإذا تصفحت كتب الفقه الحاكية لقولهم وقول خصومهم وجدتَ ألسنتهم عن الخنا معزولة، وعباراتهم في العقول مقبولة، يوردون قولهم وحجتهم وقول خصمهم وحجته بأمانة وسلامة صدر ولسان، لا نجد عند أي مذهب مثل البلوى التي حلت بنا، ومع هذا يُنْظَم في سلك الزيود!

  نعم غرضه في هذا البحث الأسفع⁣(⁣١) أن يَذهب بنور الزكاة وبهائها، ويطمس من هَدْيها وَسَنائها، فهو يحض المرء على وضع فطرته في أمهاته ومن معهن في بيته، ثم يقول للمسكين: (الله يعوّض) ثم يأكل منها المزكِّي مع من أكل؛ لأنها لهن صدقة وله هدية! وبهذا نطمس معالم الصدقة المفروضة.

  وقد حكى الإمام الإجماع فسَخِر وشَمَخَ بأنفه، وقال ما معناه: (إن هذا إلا قول البشر)!.

  وهاك ما سأرقمه لك من بعض أقوال العلماء دعماً للحق ودع عنك زامل شوكان:

  أولاً: من «البحر» ج ٢ ص ١٨٦ [والكل يعلم بمكانة نقله] ولفظه: (مسألة) ولا تجزئ - الزكاة - في أصوله أو فصوله مطلقاً إجماعاً، إذ هم كالبعض منه، الهادي والقاسم والناصر والمؤيد بالله ومالك والشافعي: ولا فيمن يلزمه إنفاقهم حال الإخراج؛ إذ يَنتفع


(١) المظْلِم.