الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

لا زكاة لمن تجب نفقتهم

صفحة 535 - الجزء 1

  وأما استدلال الفقيه بحديث يزيد ومعن فالحديث حجة عليه لا له، لأن يزيدَ لم يقصده ولا أراده، وإنما قصد المصرف المستحق، ولهذا رافعه إلى النبي ÷، فقال له النبي ÷: «لك ما نويت» لأنه قد برئت ذمته بإخراجها وتسليمها لمن يسلمها للمصرف و «لمعْنٍ ما أخذ»، و «إنما الأعمال بالنيات» فلا تغتر بقول مسلوب التوفيق، وهذا من الإجماعات السابقة.

  وإني لأعجب من جرأته على شريعة الله فيحل حرامها ويحرم حلالها ويخالف الإجماع ولقد كان هذا التخريب حقيقاً بمن أثر عنهم الزندقة والتشكيك في الدين ولا يليق بمؤمن؛ لأن من عليه الزكاة حَبّاً أو الفطرة سيقوم بجمع من في بيته من بناته وعماته وجداته وغيرهن فيصرف فيهن ما عليه من الواجب ثم يأكل معهن، هو لهن صدقة وله هدية، وأنشدك الله: أي عاقل يقول بهذا؟!

  ثم قل: ما عليهن من زكاة يسلمنها لإحداهن ممن لا تملك النصاب، ولو كان المسلَّم لها بعشرة نُصُب أو أكثر؛ لأنه سيأتي له في بحث برقم ٥٨٠ [صفحة الشفاء]. «أنه ليس فيما يُعْطَى الفقير تقدير ولو أعطي مالاً جماً» اهـ.

  وبعد أخذها⁣(⁣١) لذهبهن برئت ذمتهن على حكاية الشوكاني، وبعد يوم أو يومين ترد لهن ما أعطين، ثم يجيء الفقير والمسكين وعامل الصدقة ويقول له: (الله معك إحنا زكّينا خلاص بارَكْ في الشوكاني وفي زامله) فلله درّه من اجتهاد خاسرٍ هادمٍ لركن من أركان الدين، هاذمٍ⁣(⁣٢) لعمود من أعمدة اليقين، فلقد جاء بحيلة شيطانية لا يقبلها إلا من لا حظ له في فهم الإسلام، الغرض منها إسقاط الوجوب بحجة ملتوية (لك الله يا ابن علوان، من ليّات امْرِجال)⁣(⁣٣).

  ولا شك أن صرف الواجب والنفل في القريب غير الأبوين ممن لا يلزمه الإنفاق عليهم أوفرُ ذُخْراً وأتمُّ أجرا، ولأنها صدقة وصلة، فهي أرضى لله ورسوله.

  ونسأل الله التوفيق وحسن الختام، ونعوذ به من شر ما تجري به الأقلام، أو من الاحتكام إلى الأزلام.


(١) التي أعطيناها من الزكاة. تمت شيخنا.

(٢) قاطع.

(٣) قصة المثل: أن رجلاً نذر أن يذبح عند قبة قبر ابن علوان - في يفرس بتعز - ثم وضع الذبيح على جانب من قبة ابن علوان، وجاءه من جانب آخر فأخذه ثم قال: (لك الله يا ابن علوان من ليات امْرِجال) فصار مثلاً مشهوراً في اليمن. تمت شيخنا.