الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

وجوب الخمس في المعادن

صفحة 556 - الجزء 1

  هم سلاطين العلماء، وأساطين الحكماء، قد أخلصهم الله للهداية، وأوزعهم على العلم دراية ورواية، فهم ممن أوتوا الحكمة {وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا}⁣[البقرة: ٢٦٩] وواحدهم أشد على الشيطان من ألف عابد، وهم المحمول إليهم في قوله ÷: «رب حامل فقه إلى من هو أفقه منه».

  نجد هذه المواهب مُحْدِقة بأكابر علماء بيت النبوة كزين العابدين وابنيه محمد وزيد $ ثم من حَذَا حذوهم من العترة المطهرة ومن غيرهم كأبي حنيفة ومالك والشافعي - رحمهم الله -، ولو وضعنا أحدهم ووضعنا بجانبهم المتحامل على آل بيت رسول الله، وأستغفر الله أن يقع هذا، ثم نقول لعاقل: (قس) لقال: (معاذ الله، وهل يُقاس الدُّرُّ بالحصى، وذو الفقار بالعصا)؟!

  ثم اقرأ مرتين مناقشة الفقيه في الخمس [فصل في المعادن] وأرجعْ فيه الطَّرْفَ مرتين، وانظر أي فائدة تخرج بها وأي إشكال حَلَّ؟!

  لقد ابتدأ كلامه بإنشاء علل ثلاث خرصاً من ذات نفسه، ثم تورك عليهن فأخرج ما لا يدخل وأدخل ما لا يخرج! حتى أدخل الميراث والهبة والنذر والكلأ والماء وهو كلام ساقط كل ذلك محادّة لله، وعناداً لتفسير رسول الله ÷، ولم أر أي عالم جرّته الشقوة إلى مثل هذه الهوة؛ ذلك لأن سهمه في التوفيق حابض⁣(⁣١)، وعقله بقبول الحق غير ناهض، ومنشأ إقراره لهذه العلل جهله بقواعد الأصول، ولو لم يكن جاهلاً لما اختزلها؛ لأن العلة كالحكم مناطها الشرع، ولا تكون العلة علة إلا مقترنة بأحد حروف العلة أو النص عليها أو إيماء النص، ثم إنما نبحث عن العلة حيث يكون النص الشرعي منوطاً بها، وقد وجدتْ في غير المنصوص عليه، فيبحث عن العلة لإلحاق المشارك في العلة الذي لم يتناوله النص، ودخوله مراد للشارع كما فعل العلماء في الربا، وبحثهم عن العلة للإلحاق، أما إذا علمنا أن غرض الشارع قصر الحكم على متناوَل النص كأن يقول: (الزكاة في البر والشعير) فليس لنا أن نلحق ما لا يتناول النص؛ لأنه غير مراد للشارع.


(١) ساقط. تمت شيخنا.