ترادف الإخلاص والنية
ترادف الإخلاص والنية
  قال الشوكاني: «قوله: فلا يجوز أن يقول: (أخلصتُ هذا الفعلَ وما نويته) ... إلخ، أقول: هذا لا يتم إلا بعد تسليم الترادف بين النية والإخلاص وهو ممنوع» اهـ كلامه.
  أقول: لا يخفاك أن القصد والإرادة متحدان طرداً وعكساً، ولهذا لا يصح أن تقول: (قصدت وما أردت) ولا العكس، وهما النية بعينها، فمعنى نويته: أردته وقصدته، وقد استعيرت الإرادة في معنى القصد لما لا يعقل؛ لاتحادهما في المعنى كبيت (الكشاف): (يريد الرمح صدر أبي براء).
  وأما دعوى الإمام - أكرمه الله - أن النية والإخلاص شيء واحد مترادفان فمما لا سبيل إلى تصحيحه؛ لأن النية المعتبرة لمرادفة الإخلاص هي نية خالصة عن شائبة الشرك لا مجرد النية، ولهذا يقال: (ما أردت بهذا وجه الله) أي لم تكن النية صافية لوجهه، فقوله سبحانه: {وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ}[البيِّنة: ٥] هي النية وهي أول درجات الإخلاص {مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} وهو روح العمل ووثيقة القبول، فالحق هنا مع الفقيه الشوكاني.
  وأما قوله تعالى: {يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ}[الكهف: ٧٧] فالقول ما قاله الفراء من أن «يريد» استعيرت هنا بدلاً عن (يكاد) أي: يكاد أن ينقض، كما استعيرت (أكاد) في قوله تعالى: {أَكَادُ أُخْفِيهَا}[طه: ١٥] بدلاً عن (أريد) أي: أريد أن أخفيها، والله أعلم.