استحباب صوم يوم الشك
  ثم حكى أن هذا مذهب لكثير من الصحابة وغيرهم، والله أعلم. اهـ المراد ج ٢ ص ٤٣٧.
  ثم قال الشوكاني: «بل ورد النهي عن صوم النصف الأخير من شعبان وقال عمار: (من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم) وهو صحيح، وقال ابن عبد البر: لا يختلفون في رفعه» اهـ كلامه.
  أقول: الأثر المروي عن عمار ¥: (من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم) هو غير صحيح ألبتة، وعمار بريء منه كبراءة الذئب من دم يوسف وسيأتي بيان ذلك، ومن المحدثين من يرويه مسنداً مرفوعاً إلى النبي ÷، ومنهم من رواه أثراً موقوفاً عن عمار، وهو هكذا في (نصب الراية) ج ٢.
  ولم أجد في (سنن البيهقي) أن أم سلمة كانت تصومه كما حكى عنها الشوكاني بلفظ الحديث السابق، ولا شك أن الإمام قد أسند الحديث على (مسند ابن أبي شيبة)، وهم(١) معروفون بتمام التحري والضبط، لا يشك بهم لا في نقل مذهب ولا حديث، لأن التشكيك فيهم تشكيك في عدالتهم، وسيكون هذا مطيحاً بعدالة المشكك فيهم.
  ثم إن هذه الكلمة - أبا القاسم - كان المشهور والمعروف عن المهاجرين والأنصار أنهم لا يقولون إلا: «رسول الله» و «نبي الله» و «النبي» وهو الخطاب الذي خاطبه به القرآن حتى إنه خاطب الأنبياء بأسمائهم {يَا إِبْرَاهِيم}، {يَا دَاوُودُ}، {يَا مُوسَى} أما خاتم النبيين فقال: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ} {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ} وأما هذه - أبو القاسم - فكانت نغمة اليهود؛ لأنهم لا يعترفون له بنبوة ولا برسالة، ففي النفس من صدورها من عمار شيء، والظاهر أنها من وضع كعب الأحبار وغيره.
(١) أي أهل البيت $.