الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

استحباب صوم يوم الشك

صفحة 13 - الجزء 2

  ثم حكى أن هذا مذهب لكثير من الصحابة وغيرهم، والله أعلم. اهـ المراد ج ٢ ص ٤٣٧.

  ثم قال الشوكاني: «بل ورد النهي عن صوم النصف الأخير من شعبان وقال عمار: (من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم) وهو صحيح، وقال ابن عبد البر: لا يختلفون في رفعه» اهـ كلامه.

  أقول: الأثر المروي عن عمار ¥: (من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم) هو غير صحيح ألبتة، وعمار بريء منه كبراءة الذئب من دم يوسف وسيأتي بيان ذلك، ومن المحدثين من يرويه مسنداً مرفوعاً إلى النبي ÷، ومنهم من رواه أثراً موقوفاً عن عمار، وهو هكذا في (نصب الراية) ج ٢.

  ولم أجد في (سنن البيهقي) أن أم سلمة كانت تصومه كما حكى عنها الشوكاني بلفظ الحديث السابق، ولا شك أن الإمام قد أسند الحديث على (مسند ابن أبي شيبة)، وهم⁣(⁣١) معروفون بتمام التحري والضبط، لا يشك بهم لا في نقل مذهب ولا حديث، لأن التشكيك فيهم تشكيك في عدالتهم، وسيكون هذا مطيحاً بعدالة المشكك فيهم.

  ثم إن هذه الكلمة - أبا القاسم - كان المشهور والمعروف عن المهاجرين والأنصار أنهم لا يقولون إلا: «رسول الله» و «نبي الله» و «النبي» وهو الخطاب الذي خاطبه به القرآن حتى إنه خاطب الأنبياء بأسمائهم {يَا إِبْرَاهِيم}، {يَا دَاوُودُ}، {يَا مُوسَى} أما خاتم النبيين فقال: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ} {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ} وأما هذه - أبو القاسم - فكانت نغمة اليهود؛ لأنهم لا يعترفون له بنبوة ولا برسالة، ففي النفس من صدورها من عمار شيء، والظاهر أنها من وضع كعب الأحبار وغيره.


(١) أي أهل البيت $.