الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

وجوب القضاء على من أفطر ناسيا

صفحة 24 - الجزء 2

  كامنة، وأحقاداً باطنة، عز عليه أن يفرزها، وعدم عليه دواؤها، فهو يشتفي منها بنَهْش غيرها، ويبكي منها، ويُظهر أنه متباك على سواها، وقد أسهب الفقيه وأطنب، وأجلب بخيله ورجله وأغرب، والمسألة - كما قلتُ - ظنية عملية، فيها خلاف، لكن لا ترى فيهم من يبخس غيره، لا في رأيه ولا في استنباطه واستدلاله، فكل مجتهد مصيب في الفروعيات، أما الفقيه فقد بلغت به الحمية في الدفاع عن القضية والذب عنها، إلى أن اتهم الأئمة الأطهار، والعترة الأخيار، بما لم يتهمهم به زنديق فضلاً عن مؤمن!، اتهمهم بعدم معرفتهم لمقام أبيهم! هيهات لقد حَنَّ قِدْحٌ ليس منها وطفق يحكم فيها من عليه الحكم لها، لا ينكر أحد أن الذب عن الحسب موجود حتى في المزيِّن والدَّوْشان، والقاضي يعرف هذا فكيف بأعلام الوفاء، وعترة المصطفى؟! هل أحدٌ أشدُّ غيرة منهم على رسول الله ÷ وعلى دين الله ومحارمه؟! دماءُ مَنْ سُفِكَتْ في هذا السبيل: دماءُ آل بيت رسول الله أم دماء بني شوكان؟! وأرواح من أزهقت؟!: الأرواح الطاهرة الزكية أو أرواح عابدي الدنيا والمناصب؟!

  هذا موقف آل بيت النبوة من قبل أن يدخل شانيهم في الإسلام الصوري، ومن المشهور عنهم عند كل من يعرف تاريخهم وفقههم $ أنهم جعلوا من أنفسهم حرباً لمن حادّ الله ورسوله أو انتهك محارمه.

  وهاهي كتبهم مشهورة ومنشورة، ارجعْ إليها تجد أنهم جعلوا من أنفسهم حرباً للظالمين: يجهرون بالأمر بالمعروف وينهون عن المنكر، فإن كفى وإلا لجأوا إلى السيف والخروج {فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً}، هذا المعروف عنهم فقهاً وتاريخأً وسلوكاً، فهل يجوز لذي دين غير حاقد عليهم أن يَفُوهَ⁣(⁣١) بهذه الكلمة التي تدل على ما في صدر صاحبها؟!، نعم مثل هذه القالة لا تستبعد ولا تستغرب من ظالم أو آخذٍ ولايةً من ظالم؛ لأنه يعلم أنهم حرب له؛ لأنهم قد بثّوا في كتبهم: أن الولاية من الظالمين المنتهكين محارم الله فِسْقٌ، وأن مَن تولىَّ منهم سقطت عدالتُه، فلا تُقبل له رواية ولا شهادة ولا حُكْم، ولا يصلّي الناسُ خلفه، والقاضي ممن لا يخفى عليه مذهبهم، ولا يخفى


(١) فَاهَ يَفُوهُ تقول: [ما فاه بكلمة].