الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

الحجامة لا تفسد الصيام

صفحة 36 - الجزء 2

  ثم قال الزرقاني: والمسألة أثرية لا نظرية، وقد صح النسخ فيها، وأيضًا فإنه قال: (أفطر الحاجم⁣(⁣١))، والإجماع على أن رجلاً لو أطعم رجلاً طائعًا أو مكرهًا لم يفطر الفاعل، فدل على أنه ليس علة ظاهرة. اهـ المراد.

  نعم هذا البحث سيكون شاهدًا مصدَّقًا على القاضي، حيث جاء بخلاف أحمد، وإسحاق للجمهور، وتمسكوا بأحاديث، قال الشوكاني: «قد تأولها أهل الفن» اهـ.

  ثم لم ينلهم أي انتقاد، ولا لعرضهم بأي مُسِيء، وإنما حكى قولهم، ودليلهم كفعلهم مع غيرهم! ولو كان هذا الخلاف للقاسم، ويحيى، أو لهم ولغيرهم من أئمة أهل البيت، وانعقد إجماع غيرهم على خلافه، ما ترى؟! كيف سيكون موقف الشوكاني؟!، وأي أسلوب سيعطيه؟! وأي تصريح؟! وأي تلويح؟! وأي تجهيل؟!

  لماذا هذا الميزان الذي يشبه ميزان أمريكا مع العرب، وميزانها مع إسرائيل؟!

  إنما هو للعلة التي بينت لك غير مرة من أن قلبه على آل بيت رسول الله ÷ ممتلئ حقدًا، تغلي من حرارته جوانحُهُ؛ فهو يحاول تارة إطفاءها، وتارة إخفاءها.

  ومهما تكن عند امرئ من خليقة ... وإن خالها تخفى على الناس تعلم

  وفي (أصول الأحكام) ج ١ ص ٣١٤ ما لفظه: خبر: وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله ÷: «ثَلاثٌ لا يُفَطِّرْنَ الصَّائِمَ: القَيْءُ، وَالحِجَامَةُ، وَالاحْتِلامُ»⁣(⁣٢).

  خبر: وعن ابن عباس أن النبي ÷ احتجم بين مكة والمدينة صائمًا محرمًا⁣(⁣٣).

  خبر: وعن الحسين بن علي @ أنه احتجم وهو صائم⁣(⁣٤) اهـ المراد.


(١) قد قيل في تأويل هذا الحديث الضعيف «أفطر الحاجم والمحجوم»: إن معنى الحديث أن الحاجم والمحجوم تعرضا للإفطار، فالمحجوم أفطر لأجل ضعفه، والحاجم أفطر لأنه لا يأمن من أن يصل شيء إلى جوفه بمصّه لقارورة الحجامة.

(٢) التجريد، وسنن الترمذي رقم ٧١٩، والبيهقي في سننه، ومجمع الزوائد وعزاه إلى البزار، والطبراني في الأوسط رقم ٦٦٧٣، ومصنف ابن أبي شيبة.

(٣) التجريد، والترمذي رقم ٧٧٧، وأبو داود رقم ٢٣٧٣، وابن ماجة رقم ١٦٨٢، والبيهقي في سننه، وعبدالرزاق رقم ٧٥٤١، وابن أبي شيبة، ومعاني الآثار.

(٤) التجريد ٢/ ١٣٦، وعبدالرزاق ٤/ ٢١٤ رقم ٧٥٤٣، وابن أبي شيبة ٢/ ٣٠٩، ومعاني الآثار ٢/ ١٠١.