الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

وجوب غسل المرفقين

صفحة 65 - الجزء 1

  ما قبله أو لا، وبين ما إذا كان هناك دليل على إرادة دخوله أوْ لا.

  فإن كان ثَمَّ دليل عُمِل به دخولاً أو عدماً، وإن فُقِدَ الدليل فالأصل في حتى: الدخول، وفي إلى: عدم الدخول، وهذا هو ما رقمه العلامة في (كشافه) عند قوله تعالى: {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ}⁣(⁣١)، وتبعه صاحب (مغني اللبيب) والدماميني وغيرهم.

  ثم قال الشوكاني: «يبلغ إلى المرفقين ولا يغسلهما». اهـ كلامه.

  أقول: من حق العبارة - على ما يريد -: (ولا يجب غسلهما) لأن غسلهما ندباً لا نزاع فيه؛ لحديث: (تبلغ الحِلْية من المؤمن إلى حيث يبلغ الوضوء)⁣(⁣٢).

  أمّا بصيغة النهي (لا يغسلهما) ففيها جفاء لاسيما أنه قد ثبت أن النبي ÷ قد أدار الماء على مرفقيه وهو لا يفعل منهياً عنه.

  وقد ذهب العلامة المحقق موفق الدين بن يعيش إلى أن المرفقين داخلان في وجوب الغسل؛ لنص القرآن، إذ قال بعد كلام شيّق ومفيد: (تحقيق ذلك أنها - أي إلى - لانتهاء غاية العمل، كما أن (مِن) لابتداء غاية العمل. موضعاً من المواضع فيكون من أجل الملابسة ابتداءً للغاية ويلابس انتهاء الغاية موضعاً من المواضع فيكون من أجل تلك الملابسة انتهاء الغاية وذلك كخرجت من بلد إلى بلد، فعلى هذا يكون المرفقان داخلين في الغسل من قوله: {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ}⁣(⁣٣)، ولا يُعْدَل عن هذا الأصل إلا بدليل). اهـ [الجزء الثامن ص (١٤، ١٥) من شرح المفصل].

  وتتميماً للفائدة هاك تحقيق علماء الأصول من الحنفية، وهو من القبول بمكان.

  تحقيقه: (أن اليد عند الإطلاق تطلق على جميعها من المنكب إلى منتهى الأنامل، فقوله تعالى: {اغسلوا أيديكم} لا يمكن أن يتناول اليد جميعها ويستثني من وسطها المرفقين


(١) سورة المائدة الآية ٦.

(٢) أراد بالحلية النور يوم القيامة، أورده في البخاري، مسلم، مسند أحمد بن حنبل، كنز العمال، صحيح الترغيب والترهيب، مشكاة المصابيح.

(٣) سورة المائدة الآية ٦.