وجوب غسل المرفقين
  وإنما (إلى) هي للإسقاط يسقط من وجوب الغسل: من المنكب إلى المرفقين، فتكون المرافق داخلة في وجوب الغسل بحكم عدم دخولها في المُسْقَطِ، وبقي الوجوب من المرافق داخلة إلى الأنامل. اهـ.
  وقد اضطرب كلام الشوكاني في أحاديث غسل المرفقين فقال أولاً: «وقد استدل على وجوب غسل المرفقين بما أخرجه الدار قطني والبيهقي من حديث جابر بلفظ: كان رسول الله ÷ إذا توضأ أدار الماء على مرفقيه(١)، وفي إسناده ضعيفان ... إلخ» اهـ كلامه، ويوهم ألاَّ دليل إلا هذا، ثم يقول في آخره: «إلاَّ أن يقال: إن الشيء المغيابه تحتمل اللغة أو الشرع دخوله» - بهذا اللفظ الغريب! - «دخوله في المغيابه وعدم دخوله ثبت بذلك الإجمال ودلّ فعله على الوجوب» اهـ، وهكذا نَقْضٌ وإبرام!، وهو مَنْ وَصَفَ جار الله باضطراب كلامه.
  نعم: قد ثبت في كتب آل بيت رسول الله صلوات الله على أبيهم وعليهم ما يكفي ويَشفي، وهي لا تخفى عليه لكنه - أي الشوكاني - لا يَعتدّ بكلامهم ولا بخلافهم ولا بروايتهم ولا بإجماعهم، لشيء في صدره لا يخفى، وهي أدلة واضحة بأسانيد صحيحة يتجانف(٢) عنها تعامياً عن الرواية وتعالياً على آل بيت رسول الله $، نعوذ بالله أن نكون ممن قال الله فيهم: {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِن
(١) قال الألباني في «السلسلة الصحيحة» ج ٥ ص ٩٩ ما لفظه: أخرجه الدارقطني في «سننه» عن القاسم بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جده عن جابر قال: فذكره مرفوعاً، وقال الدارقطني: ابن عقيل ليس بقوي، قلت: الظاهر أنه عنى الجد وهو عبد الله بن محمد بن عقيل، فإنه مختلف فيه، والراجح فيه أنه حسن الحديث إذا لم يخالَفْ، وعليه فكان الأولى إعلاله بحفيده، فإنه شديد الضعف، وفي الباب عن ثعلبة بن عباد عن أبيه مرفوعاً في حديث فضل الوضوء: ثم غسل ذراعيه حتى يسيل الماء على مرفقيه. أخرجه الطحاوي في «شرح معاني الآثار» وكذا الطبراني في «الكبير» وقال الهيثمي في «مجمع الزوائد»: ورجاله موثوقون.
قلت: هو عند الطحاوي من طريق قيس بن الربيع عن الأسود بن قيس عن ثعلبة به، وقيس سيء الحفظ، وثعلبة مقبول عند الحافظ، وعن وائل بن حجر عند البزار والطبراني بسند ضعيف، وقد بيّنت علله في الأحاديث الضعيفة ومما يقوي الحديث ما رواه نعيم بن عبد الله بن المجمر قال: «رأيت أبا هريرة يتوضأ فغسل وجهه فأسبغ الوضوء، ثم غسل يده اليمنى حتى أشرع في العضد ثم يده اليسرى حتى أشرع في العضد» ثم قال: هكذا رأيت رسول الله يتوضأ أخرجه مسلم والحديث قوّاه الصنعاني في «سبل السلام» بحديثي ثعلبة ووائل. اهـ المراد.
(٢) يتجانف: يتباعد