(هل الحج على الفور أو التراخي؟)
  آل عمران نزل عام الوفود، وفيه قدم وفد نجران على رسول الله ÷، وصالحهم على أداء الجزية، والجزية إنما نزلت عام تبوك سنة تسع، وفيها نزل صدر سورة آل عمران. اهـ، وقال النووي في (شرح مسلم) ج ١ ص ٣٤: نزلت فريضة الحج سنة تسع. اهـ المراد.
  فأنت ترى أن الفقيه قد حكم على رسول الله ÷ حكمًا جائرًا، كما يجور على أولاده وعلى أخيه بغير هدى ولا كتاب منير، وحاشا سيد الأولين والآخرين أن يكون ممن يحكم عليه أمثال الشوكاني؛ فهو ÷ أتقى العباد لله، وأخوفهم منه، وأرضاهم عنده؛ فهذا الحكم يُلفَّع به وَجْهُ من حَكَمَ به.
  وخلاصة نقاشهم: أنه لا تأخير من النبي ÷ في الحج، ولا في البيان؛ لأن الحج إنما فرض عند نزول قوله تعالى: {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ}، وهي عام الوفود، وعام تبوك، وعام مباهلة نصارى نجران.
  فليخسأ من يتهم رسول الله ÷ بالتقصير في التبليغ، وقد شهد الله له وملائكته بتمام البيان وتمام التبليغ.
  ثم اعلم أن قول الشوكاني: «إن الحج فرض قبل الهجرة» اهـ، هو كقول القائل: فرض الحج قبل الإسلام؛ لأن قبل الهجرة لم تنزل سورة البقرة التي فيها: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ}، ولا نزلت سورة آل عمران التي فيها: {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ}، ولم تفرض قبل الهجرة إلّا الصلاة التي هي أول مفروض بعد التوحيد، وأهم مفروض؛ فقوله هذا ناشئ عن عدم معرفته لكتاب الله سبحانه، وأسباب التنزيل، ووقت فرض الفرائض، ثم يرشح نفسه مع هذا للتأليف، والحكم على النبي ÷ بالتراخي، وتأخير البيان عن وقت الحاجة، انتقاد النص القرآني، والتلبيس فيه! ونستعين الله عليه.