الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

أشهر الحج

صفحة 101 - الجزء 2

  وهذا مَسلك مظلم سلوكه حرام؛ فالناس قد علموا ما معنى {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ}، وعملوا بها، ودونوها، ووضعوا مناسك الحج، وعرفوا لكل عمل وقته من قوله ÷: «خذوا عني مناسككم»، ولو فرضنا أن في النص أدنى إجمال فَفِعْلُ المصطفى ÷ تبيان له، وإجماع الأمة على ذلك، أما الوقوف من النص موقف العِدَا، وكأن الله خاطب العباد بما لا يُفْهَم أو بما يتناقض مع واقع الحج فلا يجوز، ولا يسلك هذا المسلك عالم تقي؛ فموقف العالم الدفاع عن النص الإلهي، وذب ما يقوله منافق أو زنديق، ويحامي عنه بكل جهده لو كان محتاجًا إلى دفع، أما هذا فهو نص صحيح وجلي، وفعل رسول الله ÷ وإجماع الأمة واضح يبين توزيع العمل على أيام الحج بيانًا واضحًا، وجعلوه في مناسك، وطبقوه على الواقع، فما فائدة هذا النقاش المريب، والرأي الغريب؟! وهل فيه من فائدة للإسلام والمسلمين، أو هو عائد عليهم باكتساب الريبة والانغماس في الشك والتردد في الحيرة والتردي في التشكيك في النص؟! لعمر الله لبعض الجهل أقل ضررًا وأسهل خطرًا من علم يجر إلى الردى، ويحجب نور الهدى.

  وهو في بحثه الذي قبل هذا حكم على رسول الله ÷ بالتراخي عن الحج، وتأخير البيان عن وقت الحاجة، والآن يعدو على النصوص الإلهية، فقلت شعرا:

  ما سلم الرب من الشوكاني ... ولا الوصِيْ ولا النبيْ العدناني

  مشككاً أصبح في القرآن ... ومنكرًا ما فيه من بيان

  مناصرًا لعابدي الشيطان ... يا ويحه قد باء بالخسران

  ثم هاك نصوص العلماء في تفسير الآية الكريمة، وفي تبيانها من العلماء:

  من (الكشاف) ج ١ ص ١٩٧ ولفظه: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ} أي وقت الحج أشهر، كقولك: البرد شهران، والأشهر المعلومات: شوال، وذو القعدة، وعشر ذي الحجة عند أبي حنيفة، وعند الشافعي: تسع ذي الحجة، وعند مالك: شهر الحجة كاملا.

  فإن قلت: ما فائدة توقيت الحج بهذه الأشهر؟ قلت: فائدته أن شيئاً من أفعال الحج لا يصح إلا فيها، والإحرام بالحج أيضاً لا ينعقد عند الشافعي في غيرها، وعند أبي حنيفة