الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

أشهر الحج

صفحة 102 - الجزء 2

  ينعقد، إلا أنه مكروه.

  فإن قلت: فكيف كان الشهران وبعض الثالث أشهرا؟ قلت: اسم الجمع يشترك فيه ما وراء الواحد؛ بدليل قوله تعالى: {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا}⁣(⁣١)، فلا سؤال فيه إذن، وإنما كان يكون موضعا للسؤال لو قيل: ثلاثة أشهر معلومات. اهـ، وبعد أسطر قال: فإن قلت: ما وجه مذهب مالك، وهو مروي عن عروة بن الزبير؟ قلت: وجهه أن العمرة غير مستحبة فيها عند عمر وابن عمر، فكأنها⁣(⁣٢) مُخْلَصة للحج لا مجال فيها للعمرة اهـ، ثم قال العلامة: لعل من مذهب مالك جواز تأخير طواف الزيارة إلى آخر الشهر. اهـ المراد.

  قال أحمد في تعليقه عليه وعلى رأي الإمام مالك ما لفظه: ولا تظهر فائدة هذا القول إلا في إسقاط الدم عن مؤخِّر طواف الإفاضة إلى آخر ذي الحجة لا غير، وهي الفائدة التي نقلها الزمخشري عن عروة، ولعمري إن هذا القول أحسن دليلا؛ فلا يحتاج إلى مزيد، ولكن ظاهر الآية ومقتضاها: أن جملة الأشهر هي زمان الحج، ألا ترى من قال: (وعشر من ذي الحجة) يحتاج في تنزيل الآية على مذهبه إلى تقرير أن بعض الشهر يتنزل منزلة جميعه، ويستشهد على ذلك بقوله: (ثلاثون شهرا في ثلاثة أحوالِ)، وإنما أحوجه إلى الاستشهاد خروج مقالته عن ظاهر الآية؛ فالمتمسك بها على ظاهرها في كمال الأشهر الثلاثة واقف مع اقتضائها غير مضطر إلى مزيد عليه. اهـ المراد. ومثل هذا في تفسيري: البيضاوي، والنسفي.

  وكذا في الجزء الأول من (معاني القرآن)، للفراء، فلا إيرادات ولا تعمية.

  وقد اعتمد العلماء في تطبيق المناسك حديث جابر بن عبدالله، وإليك نصه، كما في كتب الحديث نقلناه من الجزء الثاني من (شرح فتح القدير)، لابن الهمام الحنفي ج ٢ ص ٣١٧ ولفظه: وقد رأيت أن أتبرك في افتتاح هذا الركن بحديث جابر الطويل؛ فإنه أصل كبير


(١) قال شيخنا: العربُ تستقبح إضافة مثنى إلى مثنى؛ فلا يقولون: (قلباكما) مثلا، إنما يضيفون مفردًا إلى مثنى كقوله تعالى: {قاب قوسين}، مع أن لكل قوس قابا. أو جمعًا نحو: {فقد صغت قلوبكما} مع أنه ليس للمحكي عنهما - حفصة، وعائشة - إلا قلبان. اهـ.

(٢) أي الأشهر الثلاثة، تمت شيخنا.