الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

أشهر الحج

صفحة 104 - الجزء 2

  الباب إلى الصفا، فلما دنا من الصفا قرأ: {إن الصفا والمروة من شعائر الله}، ابدأوا بما بدأ الله به، فبدأ بالصفا، فرَقِيَ عليه حتى رأى البيتَ، فاستقبل القبلة، فوحَّد الله وكبَّره وقال: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده»، ثم دعا بين ذلك وقال مثل هذا ثلاث مرات، ثم نزل المروة كما فعل على الصفا، حتى إذا كان آخر طواف على المروة قال: «لو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي، وجعلتها عمرة، فمن كان منكم ليس معه هدي فليحل، وليجعلها عمرة»، فقال سراقة بن مالك بن جُعْشُمٍ: يا رسول الله ألِعامنا هذا أم لأبد؟ فشبَّك رسول الله ÷ أصابعه واحدة في الأخرى، وقال: «دخلت العمرة في الحج مرتين، لا بل لأبد أبد»، وقدم عليٌّ # من اليمن ببُدْنِ النبي ÷ فوجد فاطمة & ممن حل ولبست ثيابًا صبيغًا واكتحلت، فأنكر ذلك عليها، فقالت: إن أبي أمرني بهذا، قال: فكان علي # بالعراق يقول: فذهبت إلى رسول الله ÷ محرِّشا على فاطمة الذي صنعتْ مستفتياً رسولَ الله فيما ذكرتْ عنه، فأخبرتُه أني أنكرتُ ذلك عليها، فقال: «صدقت صدقت، ماذا قلت حين فرضت الحج»؟ قال: قلت: اللهم إني أهل بما أهل به رسول الله ÷، قال: فإن معي الهدي فلا تحل، قال: فكان جماعة الهدى الذي قدم به علي # من اليمن، والذي أتى به رسول الله مائة، قال: فحل الناس كلهم وقصروا إلا النبي ÷ ومن كان معه هدي، فلما كان يوم التروية توجهوا إلى منى فأهلوا بالحج، وركب رسول الله ÷ فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، ثم مكث قليلا حتى طلعت الشمس، وأمر بقبة من شعر تضرب له بنمرة، فسار رسول الله ÷ ولا تشك قريش إلا أنه واقف عند المشعر الحرام كما كانت قريش تصنع في الجاهلية، فأجاز⁣(⁣١) رسول الله ÷ حتى أتى عرفة فوجد القبة قد ضربت له بنمرة، فنزل بها، حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء⁣(⁣٢) فْرُحِلَتْ⁣(⁣٣) له، فأتى بطن الوادي، فخطب الناس، فقال: «إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ألا كل شيء


(١) أي جاوز المزدلفة، ولم يقف بها.

(٢) هي ناقته ÷.

(٣) أي شد الرحل عليها لأجله ÷، والرحل كل ما يعد للرحيل.