الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

أشهر الحج

صفحة 103 - الجزء 2

  أجمع حديث في الباب، فنقول - ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم -: روى مسلم، وابن أبي شيبة، وأبو داود، والنسائي، وعبد بن حميد، والبزار، والدارمي في (مسانيدهم) عن جعفر بن محمد، عن أبيه $، قال: دخلنا على جابر بن عبدالله ¥ فسأل عن القوم؟ حتى انتهى إليَّ فقلت: أنا محمد بن علي بن الحسين، فأهوى بيده إلى رأسي، فنزع زِرِّي الأعلى، ثم نزع زِرِّيَ الأسفل، ثم وضع كفه بين ثَدْيَيَّ، وأنا يومئذ غلام شاب، فقال: (مرحبًا بك يا ابن أخي) سل عما شئت، فسألته وهو أعمى، وحضر وقت الصلاة، فقام في نِسَاجَةٍ ملتحفا بها، كلما وضعها على منكبيه رجع طرفاها إليه من صغرها، ورداؤه إلى جنبه على المشْجَب، فصلى بنا، فقلت: أخبرني عن حجة رسول الله ÷؟ فقال بيده، فعقد تسعاً، فقال: إن رسول الله ÷ مكث بالمدينة تسعَ سنين لم يَحُجَّ، ثم أُذِّنَ في الناس في العاشرة أن رسول الله ÷ حاج، فقدم المدينة بشر كثير، كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله ÷، ويعمل مثل عمله، فخرجنا معه حتى أتينا ذا الحُلَيْفَةِ فَوَلَدَتْ أسماء بنت عميس محمدَ بن أبي بكر، فأرسلتْ إلى النبي ÷: كيف أصنعُ؟ فقال: «اغتسلي واستثفِري⁣(⁣١) بثوب وأحرمي»، فصلى رسول الله ÷ ركعتين في المسجد، ثم رَكِبَ القَصْواء حتى إذا استوت به ناقتُه على البيداء، نظرت إلى مد بصري بين يديه من راكب وماش، وعن يمينه مثل ذلك، وعن يساره مثل ذلك، ومن خلفه مثل ذلك، ورسول الله ÷ بين أظهرنا وعليه ينزل القرآن، وهو يعرف تأويله وما عمل به من شيء عملنا به، فأَهَلَّ بالتوحيد: «لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك»، وأهل الناس بهذا الذي يهلون به، فلم يرد رسول الله ÷ عليهم منه شيئاً، ولزم رسول الله ÷ تلبيته، قال جابر: لسنا ننوي إلا الحج⁣(⁣٢)، لسنا نعرف العمرة، حتى إذا أتينا البيت معه استلم الركن فطاف سبعا، فرَمَلَ ثلاثا، ومشى أربعاً، ثم تقدم إلى مقام إبراهيم #، فقرأ: {وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}⁣[البقرة: ١٢٥] فجعل المقام بينه وبين البيت، فكان أُبَي يقول: ولا أعلم أذكره إلا عن رسول الله ÷: كان يقرأ في الركعتين: {قل هو الله أحد}، و {قل يا أيها الكافرون}، ثم رجع إلى الركن فاستلمه، ثم خرج من


(١) أي اجعلي ثَوْبًا بين فخذيك وشدِّي فرجَكِ.

(٢) فيه دليل أنهم حجُّوا مُفْرِدِين.