الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

إيجاب الإحرام على من أراد مجاوزة الميقات

صفحة 112 - الجزء 2

  وأما قول الشوكاني: «إن الآية سيقت لبيان ما حرم عليهم من الصيد» اهـ - فغير سديد، وإنما قوله سبحانه: {فَاصْطَادُوا} رفع للحظر إلى الإباحة؛ لأن الاصطياد غير واجب، وقوله تعالى: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ} غاية لِلحُرْمة، وقد دلت هذه الغاية على سبق إحرام، ولم يكن هناك حج ولا عمرة؛ فلا ينفع الغلاط، وإثارة الرماد أمام الأعين.

  أما فعل ابن عمر فلو كان فِعْلًا لرسول الله ولم يناسبه - أي الشوكاني - لقال: «فعل لا ظاهر له»! وهاهنا يحتج بفعل ابن عمر وهو فعل لا ظاهر له، ويترك قول ابن عباس حبر الأمة! ويدعي أنه اجتهاد. ثم إن كل قول لغيره أو تعليل يقول عنه: «هذا فاسد! هذا باطل! ... إلخ» لا صحيح ولا مستقيم إلا رأيه! كأنه صاحب عصمة! نعوذ بالله من مثل هذه الدعوى، ثم إننا لا نجدها لأحد من أعلام المسلمين قط إلا للفقيه. على أن من قواعد (الأصول) ترجيح الحظر على الإباحة.

  نعم: في الجزء الثالث من (نصب الراية) ص ١٥ ما لفظه: الحديث السابع: قال عليه وآله الصلاة والسلام: «لا يتجاوز أحد الميقات إلا محرمًا». قلت: رواه ابن أبي شيبة في (مصنفه)، حدثنا عبدالسلام بن حرب، عن حصيف، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، أن النبي ÷ قال: «لا تجاوزوا الوقت إلا بإحرام». وكذلك رواه الطبراني في (معجمه)، ثم أورد الأثر عن ابن عباس أنه كان يرد من تجاوز الميقات بغير إحرام. اهـ المراد.

  وفي كتاب (الحجة على أهل المدينة) ج ٢ ص ٤٢٤ فما بعدها ما لفظه: قال محمد: إن رسول الله ÷ دخل مكة عام الفتح، وعلى رأسه المغفر ولم يكن رسول الله محرماً فلما فرغ من حنين أحرم ÷ من الجعرانة بعمرة ثم قال: «هذه لدخولنا مكة بغير إحرام»، أخبرنا محمد قال: أخبرنا إسرائيل بن يونس قال: حدثنا يزيد بن سعيد عن محمد بن علي عن علي بن أبي طالب قال: (لا يدخل الحرم إلا محرم)، أخبرنا محمد قال: أخبرنا طلحة بن عمرو المكي قال: أخبرنا عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس أنه قال: (من خرج من مكة فلا يدخلها إلا محرماً إلا الحطابين والحمالين وأصحاب منافعها) قال محمد: فهذا الذي أخذ به