وجوب التلبية واستحباب رفع الصوت بها
  وما شرعت له تقتضي مقارنته كمقارنة الفعل للمفعول لأجله، إذا قلتَ: (قمتُ إجلالًا لك)، و (لبيت مُهِلًّا) أي: رافعًا صوتي بها. وهذا هو الحق - إن شاء الله - فتأمّله، ولا تسمع للجلال ولا للزامل، وفي (الأحاديث المختارة) للضياء المقدسي ج ٢ ص ٦٦، روى بإسناده إلى زيد بن خالد الجهني عن النبي ÷ قال: «جاءني جبريل فقال لي: يا محمد مُرْ أصحابَك يَرْفعوا أصواتهم بالتلبية فإنها من شعار الحج» اهـ، ثم قال الضياء المقدسي: وروى مالك بن أنس وسفيان بن عيينة عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عبدالرحمن بن الحارث بن هشام عن خلاَّد بن السائب الأنصاري عن أبيه عن النبي ÷: «أتاني جبريل فأمرني أن آمر أصحابي ومن معي أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية ...» الحديث، أما حديث زيد بن خالد فرواه ابن ماجة في سننه(١) وأما حديث السائب فرواه أبو داود من حديث مالك(٢)، ورواه الترمذي(٣) والنسائي(٤)، وابن ماجه(٥) من حديث ابن عيينة، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح اهـ المراد.
  وقد روي أن الذي منع من التلبية في الحج هو معاوية، فقد روى الضياء المقدسي - على شرط الشيخين - في (المختارة) ج ٥ ص ٣٧٨ مسند سعيد بن جبير: بسنده إلى سعيد بن جبير قال: كنت مع ابن عباس بعرفات فقال: مالي لا أسمع الناس يلبّون؟! فقلتُ: يخافون من معاوية، فخرج ابن عباس من فُسْطاطه فقال: لبيك اللهم لبيك لبيك ... ، فإنهم قد تركوا السنة من بُغْضِ عليّ(٦) اهـ المراد، وفي (مسند أحمد) ج ١ ص ٢١٧ ما لفظه: قال ابن عباس: لعن الله فلاناً - يقصد به معاوية - عمدوا إلى أعظم أيام الحج فمحوا زينته وإنما زينة الحج التلبية اهـ المراد.
(١) باب: رفع الصوت بالتلبية، رقم الحديث (٢٩٢٣)
(٢) سنن أبي داود، باب كيفية التلبية، رقم الحديث (١٨١٤).
(٣) سنن الترمذي، باب ما جاء في رفع الصوت بالتلبية، رقم الحديث (٨٢٩)
(٤) سنن النسائي، باب رفع الصوت بالإهلال، رقم الحديث (٢٧٥٣)
(٥) سنن ابن ماجة، باب رفع الصوت بالتلبية، رقم الحديث (٢٩٢٢).
(٦) قال محقق (المختارة): إسناده حسن، والحديث عند النسائي في (المجتبى) كتاب الحج باب التلبية بعرفة رقم الحديث (٣٠٠٦) اهـ المراد.