استحباب إزالة التفث
  فارق، وأي فارق أعظم مما بين الحاج المحرم والمحل؟!.
  وإنما ندب تَقَدُّم إزالة الشعر، وقلم الظفر في العشر الأول من ذي الحجة لمن كان له أضحية مشاركة للحاج لا يتحللون إلا حين يتحلل، على أنه قد ثبت أن النبي ÷ اغتسل قبل إحرامه، وسبق أن نقلناه عنه من (الجرار)، وأمر الحائض أن تغتسل مع أن الغسل لا يطهرها ما دامت حائضًا، وإنما لإزالة ما يمكن من التفث، ومن الريح(١) لا سيما وهي داخلة بين نساء، وروي عن عائشة أنها كانت تُطَيِّبه لحله وحِرْمه، وعلى الجملة فالنظافة، والطيب، وإزالة التفث من طَبْع الإسلام، وشيمة المسلمين، كما كانت القذارة والأوساخ من شيمة يهود؛ فلا جدوى لإقامة العزاء؛ فالإسلام وشعاره محفوظ من قبل وجود الجد الرابع للشوكاني. وفي هذا المقام ذكرت حادثة حُكيت لي: أن في عهد من عهود الفوضى دخل كبير من كبار الناهبين ومعه أصحاب، فدخلوا إلى بيت تاجر، والتاجر ممن يبيع المليَّم، وحملهن رفاقه، وجعل عددًا منهن في يده، فلقي ابن التاجر يبكى في الدِّهليز فأعطاه واحدًا، ونظر إلى أصحابه، فقال: ما يضيع عند الله شيء؟! ثم وقف على الباب وأصحابه يشدُّون على النهب، فمر رجل وأخذ من كفه واحدًا من الحلوى، فغضب، ونظر إلى أصحابه، فقال: كيف الناس؟! مشهم دارين أن ما أُخذ بوجه الحياء حرام! فضحك أحد أصحابه وقال: يا شيخ والله إنك مثل من يقيم الحد على المحتلم ويسامح الزاني. اهـ.
  نعم: وجدت في الجزء الرابع من (المغني) لابن قدامة الحنبلي ص ٤١٥ ما لفظه: فصل: ويستحب التنظيف بإزالة الشَّعث وقطع الرائحة(٢)، ونتف الإبط، وقص الشارب، وقلم الأظفار، وحلق العانة؛ لأنه أمر يُسَنُّ له الاغتسال والطيب، فيُسَنُّ له هذا كالجمعة؛ لأنه إحرام يمنع قطع الشعر، وقلم الأظفار، فاستُحِبَّ فعله قبله؛ لئلا يحتاج إليه في إحرامه، فلا يتمكن منه. اهـ المراد.
  أرأيت كيف قاسوه على الجمعة؟! فلا تسمع لقول الزامل: «قياس فاسد» فالقياس الفاسد إنما هو قياسه.
(١) أي من رائحة الحيض. تمت شيخنا.
(٢) إزالتها.