الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

تحريم استمرار التطيب إلى ما بعد الإحرام

صفحة 132 - الجزء 2

تحريم استمرار التطيب إلى ما بعد الإحرام

  قال الإمام: خبر: وروى يعلى بن أمية قال: كنا عند رسول الله بالجعرانة، فأتاه رجل عليه مقطعة يعني جُبَّة وهو مضمخ بالخَلُوقِ⁣(⁣١). وفي بعضها: عليه ردع من زعفران، فقال: يا رسول الله إني أحرمت بالعمرة، وهذه عليَّ؟ فقال ÷: «ما كنت تصنع في حجك؟» قال: كنت أنزع هذه المقطعة، وأغسل هذا الخلوق، فقال رسول الله ÷: «ما كنت صانعًا في حجك فاصنعه في عمرتك»⁣(⁣٢). دل ذلك على أنه يكره أن يتطيب قبل الإحرام.

  خبر: وروت عائشة قالت: كنت أطيب رسول الله قبل أن يُحْرِم ولحله قبل أن يطوف بالبيت. دل الخبر على أنه يجوز أن يتطيب المحرم قبل الإحرام. اهـ كلام الإمام.

  قال الشوكاني: «قوله: يجوز أن يتطيب قبل الإحرام إلخ. أقول: حديث صاحب المقطعة يدل على المنع من الملامسة ملامسة المحرم؛ لما فيه طيب، وحديث تطيبه ÷ لحله وإحرامه يدل على أنه يجوز للمحرم الاستمرار على طيب بدنه حال إحرامه إذا كان من قبل الإحرام؛ فقد ورد أن عائشة أخبرت بأنها كانت ترى وبيص الطيب في مفارق رسول الله حال إحرامه، كما في رواية النسائي، وابن حبان، وفي أخرى لأبي داود عنها، قالت: كنا ننضح وجوهنا بالمسك المطيب قبل أن نحرم ثم نحرم فنعرق ويسيل على وجوهنا ونحن مع رسول الله فلا ينهانا، وهو يرد على من قال: إن الاستمرار على الطيب مختص برسول الله؛ فالحق أن يقال: لا يحل لبس ما كان فيه طيب من الثياب ما دام اللابس محرمًا، ولا يحل التطيب بعد الدخول في الإحرام لا الاستمرار على ما كان منه من قبل الإحرام؛ فإنه جائز، ولا يجب غسله». اهـ كلامه.

  أقول: لا يخفاك أن القضية فيها خلاف بين أهل العلم، ومنشأه من النظر والأثر.


(١) الخَلُوق: نوع من الطِّيب.

(٢) التجريد، ومعاني الآثار، والبخاري، ومسلم، والنسائي، وأبو داود، والترمذي، والموطأ.