وجوب مسح جميع الرأس
  تقول: (كتبتُ المنزلَ) كما تقول: (كتبتُ الليلةَ)، و (كتبتُ أمامك) و (وقفتُ خلفك).
  ثانياً: أن الظرف - ولو كان مما يصح نصبه على الظرفية - إذا دخله حرف الجر لا يكون ظرفاً؛ لأنه لا يكون ظرفاً إلاَّ وهو متضمن للحرف نحو: (سافرتُ الخميسَ) لا مجروراً نحو (سافرتُ في الخميسِ)، ولهذا قال محققو الحنفية إن قلتَ: [زوجي طالق يوم كذا] ونويتَ بعد الظهر أو نحوه، فلكَ نيتك؛ لأن اليوم ظرف، وإن قلتَ: [هي طالق في يوم الخميس] طلقت في أول جزء منه، وقد أطلتُ البحثَ لأن كلام القاضي ربما يضر ولا ينفع؛ لأنه ليس مبنياً على معرفة أولية فضلاً عن تحقيق.
  قال صاحب (الخلاصة) [ألفية ابن مالك]:
  الظرف وقت أو مكان ضُمِّنا ... (في) باطراد كهُنا امكث أزمنا
  فانصبه بالواقع فيه مظهراً ... كان وإلا فانوهِ مقدّرا
  وكلُّ وقتٍ قابلٌ ذاك وما ... يقبلُهُ المكانُ إلا مُبْهما
  وقد ادَّعى الشوكاني في آخر البحث أن في الرأس إجمالاً! وهو من أغرب ما يسمع الإنسان!.
  ولو ادعى أن فيه (عند من يقول بالتبعيض) احتمالاً كان له حظ من الصواب، أما عندنا فهو ما جنح إليه الإمام # وأجمع عليه أئمتنا عليهم وعلى أبيهم السلام أنه - أي الرأس - واجب المسح جميعاً؛ ولأن الذي روى المسح على الناصية لم ينف مسح البقية.
  ثم زعم الشوكاني أن هذه الباء التي فرغ منها - وزعم أنها للتبعيض - هي التي يُسميها النحاة بالزائدة، ولعَمْري إنها لا تصدر عن مثل رجل عالم ويلقب بشيخ الإسلام، لأن الحرف الزائد لا معنى له إلا التوكيد.
  قال صاحب (مغني اللبيب) في (بحث أنْ الزائدة) في قوله تعالى: {وَلَمَّا أَنْ جَاءتْ رُسُلُنَا لُوطاً}(١) ما لفظه: (لا معنى لأَِنْ الزائدة غير التوكيد كسائر الزوائد). اهـ. يعني أنه
(١) سورة هود الآية ٧٧.