الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

وقت الوقوف من الزوال في عرفة إلى فجر النحر

صفحة 142 - الجزء 2

وقت الوقوف من الزوال في عرفة إلى فجر النحر

  قال الشوكاني: «قوله: فسقط قول المخالف، والحمد لله. أقول: المخالف هو أحمد بن حنبل؛ فإنه قال: إن يوم عرفة كله وقت للوقوف، وله متمسك على قوله، وهو حديث عروة بن مضرس: (من صلى معنا هذه الصلاة - يعني صلاة يوم النحر - وأتى عرفات قبل ذلك ليلًا أو نهارًا فقد تم حجه وقضى تفثه)؛ فالظاهر أن من أتى عرفة - يوم عرفة - في أي وقت فقد أتاها في النهار الذي لم يكن قبل صلاة فجر النحر غيره، ووقوفه ÷ بعد الزوال لا ينافي هذا ... وبهذا يتضح لك أن قول أحمد أرجح من قول الجمهور؛ فلا سقوط لقوله، والحمد لله» اهـ كلامه.

  أقول: إن أراد الشوكاني أن أحمد يقول: (إن الواقف إذا وقف في أجزء من النهار أجزأه ولو ساعة من النهار ولو دفع قبل الإمام)؛ فهذا ليس بمذهب لأحمد، وإن أراد (أن الواقف إذا وقف النهار كله أجزأه وإن لم يدخل في الليل) فغير سديد، ولا هو مذهب لأحمد.

  وإليك نص (المغني) في فقه الحنابلة ج ٥ ص ١٥٥ ولفظه: مسألة: ولو وقف بعرفة نهارًا أو دفع قبل الإمام فعليه دم، وجملة ذلك أن من وقف بعرفة - يوم عرفة - نهارًا وجب عليه الوقوف إلى غروب الشمس؛ ليجمع بين الليل والنهار في الوقوف، فإن دفع قبل الغروب ولم يعد حتى غربت الشمس فعليه دم. وقال الشافعي: لا يجب ذلك ولا دم عليه إن دفع قبل الغروب؛ احتجاجًا بحديث عروة بن مُضَرِّس، ولأنه أدرك من الوقوف ما أجزأه. اهـ

  وفي نهاية الصفحة قال: وقد روى الأثرم عن أحمد قال: سمعته يُسْأَل عن رجل دَفَعَ⁣(⁣١) قبل الإمام من عرفة بعد ما غربت الشمس؟ فقال: ما وجت أحدًا سهل فيه، كلهم يشدد فيه، قال:


(١) أي رَحَلَ.