الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

وجوب مسح جميع الأذنين

صفحة 73 - الجزء 1

  لا يدل على عدم الوقوع، لأن عدم الذكر لا يصلح دليلاً لعدم الوقوع.

  ثم قال: «ولكنه اقتصر في بعض الحالات على مسح الناصية»⁣(⁣١) ا هـ كلامه.

  أقول: لكنهم لم يذكروا عدم مسح ما عداها.

  ثم قال: «دل ذلك على عدم وجوب مسح الأذنين كما لا يجب مسح جميع الرأس» ا هـ كلامه.

  أقول: نعم مراد الشوكاني: لأنهما من الرأس فكما لا يجب مسحه كاملاً، لا يجب مسح الأذنين، وهذا كأنه يذهب إلى أنهما من الرأس حقيقة، وهذه دعوى غير مسلمة، ولو كانتا جزءاً حقيقة من الرأس لكان مسحهما يغني عن مسح الرأس - عند من يقول: يجزئ البعضُ - وهو مع هذا مخالف لكتاب الله وسنة رسوله ÷.

  نعم إنما أراد ÷ أنهما من الرأس حكماً لا حقيقة، وهو معلوم قطعاً لقوله ÷: (سلمان منا أهل البيت)⁣(⁣٢)

  وقد أشار الإمام # إلى هذا وأنهما من الرأس في وجوب المسح، ثم لا يخفى أن مسحهما وجوباً بلا إشكال أحوط للخروج من العهدة بالإجماع وأرضى لله ولرسوله، وما كان رسول الله ÷ ليفعل شيئاً لم يأمر به الله، قال سبحانه: (ثُمَّ جَعَلناك عَلَى شَرٍِيعَةٍ مِنَ الأمُرِ فَاتَّبعهَا)

  وقال الله تعالى واصفاً له: {وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِين}⁣[ص: ٨٦] فعليك بلزوم ما ترجح عند أهل بيت النبوة فثمَّ النجاةُ.


(١) عامة الآثار والأخبار عن رسول الله قولاً وفعلاً في المسح على الرأس وليس فيها ذكر المسح على العمامة والناصية والخمار، وكيف يكون ذلك والقرآن نزل بمسح الرأس؟! فالماسح على الناصية والعمامة لم يمسح رأسه.

(٢) مصنف ابن أبي شيبة، المستدرك، المعجم الكبير، دلائل النبوة للبيهقي، معرفة الصحابة لأبي نعيم، مجمع الزوائد، كشف الخفاء، كنز العمال، مجمع الزائد، عمدة القارئ، مشكاة المصابيح.