على القارن طوافان وسعيان
  منهما، وعند البخاري في [باب إذا أحصر المعتمر] عن ابن عمر في حديث خروجه من المدينة زمن وقعة الحجاج: فأهل بالعمرة من ذي الحليفة ثم سار ساعة ثم قال: إنما شأنهما واحد أشهدكم أني قد أوجبت حجة مع عمرتي فلم يحل منهما حتى حل يوم النحر وأهدى، وكان يقول: لا يحل حتى يطوف طوافاً واحداً يوم يدخل مكة، وهذا ظاهر في أنه طواف يوم النحر وهو طواف الإفاضة والزيارة والركن قال الحافظ في باب القرآن من (فتح الباري) ذيل حديث ابن عمر: ورأى أن قد قضى طواف الحج والعمرة بطوافه الأول - أي الذي طافه يوم النحر للإفاضة - وتوهم بعضهم أنه أراد طواف القدوم فحمله عل السعي. اهـ ... وإن أمعنت النظر في طرق حديث ابن عمر أيقنت ألاَّ تعلق له بابتداء دخوله بمكة ماذا صنع؟ فإن قوله: (طاف طوافاً واحداً) أو قوله: (بطوافه الأول) محمول على طوافه للإفاضة، فحديثه لا يفيد المخالفين بل يفيد الأحناف في تعدد الأطوفة، وفي رواية القطان عند مسلم: (ثم طاف لهما طوافاً واحداً بالبيت وبين الصفا والمروة ثم لم يحل منهما حتى حل منهما بحجة يوم النحر) وقد وقع من الرواة الاختصار في حديث ابن عمر، وكذا تعذر منهم المراد منه حتى على الأجلاء، وقد أطالوا في حديث عائشة وابن عمر ولم يصلوا إلى ما يثلج الفؤاد، وينبلج منه جبين التحقيق والتدقيق، ولقد صدق الله ø: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا}[مريم: ٦٤] ولم يرد في حديث قط أن رسول الله ÷ نفى الطواف الثاني أو السعي بين الصفا والمروة إن كان فيها ونعمت على الرأس. اهـ المراد.
  ثم قال الشوكاني: «وأخرج عبدالرزاق بإسناد صحيح عن طاوُس أنه حلف ما طاف أحد من أصحاب رسول الله لحجه وعمرته إلا طوافًا واحدًا» اهـ كلامه.
  أقول: يمين طاوُس غايةُ ما فيها أنها يمين على عدم العلم بالوقوع، وعدم العلم لا يكون عِلْمًا بالعَدَم.