الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

على القارن طوافان وسعيان

صفحة 176 - الجزء 2

  كله، فما الفرق في أفعال الإفراد والتمتع والقران إلاَّ بالإحرام والجمع وعدم الحل فيما بين العمرة والحج، فإن كان الحديث على ظاهره وهو يخالف من يخالفنا في ذلك، فقالوا: معناه طواف واحد للحج والعمرة، وقلنا: بل كان طوافاً واحداً للحل منهما، لأن إحرامهما لما كان واحداً وجب أن يكون الإحلال عنهما أيضاً واحداً وهو بطواف الزيارة فالقارن إذا طاف طواف الزيارة حل من إحراميه معاً ويوضحه ما روته عائشة كما في البخاري ومسلم: (فطاف الذين أهلوا بالعمرة بالبيت وبالصفا والمروة ثم حلوا ثم طافوا طوافاً آخر بعد أن رجعوا من منى لحجهم، وأما الذين كانوا جمعوا الحج والعمرة فإنما طافوا طوافاً واحداً) وهذا ظاهر في أن مقصود عائشة بيان الفرق بين القارنين وغيرهم في حق الحل لا غير، يعني أن المتمتعين حلوا من عمرتهم بطوافها ثم حلوا من إحرام الحج بطوافه، واحتاجوا إلى طوافين: طواف للحل من عمرتهم، وطواف آخر للحل من حجهم، وأما الجامعون بينهما فلم يحلوا إلاَّ بطواف واحد، ولم يحتاجوا للحل إلى طوافين، وعند مسلم قوله عليه الصلاة والسلام: «من كان معه هدي فليهل بالحج مع عمرته ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعاً» صريح في ذلك، وفي (البخاري) أصرح من ذلك في باب ركوب البُدْن: (ثم لم يحلل من شيء حرم منه حتى قضى حجه) وفيه (فطاف لهما طوافاً واحداً فلم يحل حتى حل منهما جميعاً) فهذا ينادي بأعلى نداء أن مقصود عائشة الأصلي بيان الحل من الإحرام دون وحدة الطواف وتعدّده، وبالجملة طاف ÷ ثلاثة أطوفة في حجة الوداع غير النفل فلا يصح قول عائشة: (ما طافوا إلاَّ طوافاً واحداً) إلاَّ أن يؤول. اهـ المراد.

  ثم قال الشوكاني: «وأخرج البخاري عن ابن عمر أنه طاف لحجته وعمرته طوافًا واحدًا بعد أن قال: إنه سيفعل كما فعل رسول الله» اهـ كلامه.

  أقول: إليك ما في حاشية كتاب (الحجة على أهل المدينة) ج ٢ ص ٥٤ ولفظه: وعند البخاري في باب الزيارة عن ابن عمر أنه طاف طوافاً واحداً ثم يقيل ثم يأتي منى يعني يوم النحر، ورفعه عبدالرزاق قال: حدثنا عبيد الله ... اهـ. وصله ابن خزيمة والإسماعيلي من طريق عبدالرزاق بلفظ أبي نعيم وزاد في آخره: (ويذكر أي ابن عمر أن النبي ÷ فعله) اهـ. قاله الحافظ في (الفتح) فظاهر في أن هذا الطواف من ابن عمر كان للحل