الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

التسمية فرض على الذاكر

صفحة 77 - الجزء 1

  استمرار عمله في كل وضوء وفي كل توجيه، فقد أسخطتَ ربك وأسأت الأدب إلى نبيك، هذا مع أن بحث الإمام كامل ومتكامل من ناحية السند والعربية والآثار.

  وما هناك من فائدة قط جاء بها القاضي الشوكاني إلا النقض لما جرى به قلمه في (منتقاه).

  ولا أحب الإطالة، ويكفي أن تُمعن النظر فيما رقمه تجد أوله يأكل آخره، لا يستقر على حال من القلق.

التسمية فرض على الذاكر

  قال الإمام #: (فصل) ومن فرائض الوضوء عندنا التسمية فإنها فرض على الذاكر والذي يدل على وجوبها خبر وهو قول النبي ÷: «لا صلاة إلا بطهور ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه»⁣(⁣١) ا هـ كلام الإمام.

  أقول: أفرغ الشوكاني قلمه لأكثر من عشرين سطراً دعماً لما رقمه الإمام في سطرين، وحشر الأدلة، والتضعيف والتقوية ثم في آخر البحث خَرب ما بنى لأحاديث قد سردها، ثم حكم بأن ما قبلها أولى من العمل منها!

  وعليه مأخذ: وهو قوله: «وقد تقرر أن النفي في مثل قوله: «لا وضوء» يتوجه إلى الذات إن أمكن» ا هـ كلامه.

  أقول: نعم الفعل الذي قد وُجد لا يمكن نفيُه كالنسخ، لأن النفي يتعلق بصفة المنفي، والنسخ يتعلق بالحكم مستقلا لا بالذات، وقد قرر الشوكاني أن النفي للصحة⁣(⁣٢) ثم خرطه في آخره فجعله لنفي الكمال⁣(⁣٣) وتكون عنده التسمية في البحث الأول واجبة وفي البحث الثاني مسنونة.


(١) أبو داود، ابن ماجة، البيهقي، الدارقطني.

(٢) حيث قال: فإن لم يمكن توجَّه إلى الأقرب إليها وهو نفي الصحة. ا هـ كلامه

(٣) حيث قال في آخر البحث: فإن بلغ شيء من الأحاديث الآخرة إلى رتبة صالحة للعمل توجه الجمع بالحمل على نفي الكمال. ا هـ كلامه