الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

وجوب غسل الكعبين مع القدمين

صفحة 76 - الجزء 1

  لتُمسَحَ ولكن لينبه على وجوب الاقتصاد في صب الماء عليها فقيل: {إِلَى الْكَعْبَينِ}، فجيء بالغاية⁣(⁣١) إماطة لظن ظان يحسبها ممسوحة؛ لأن المسح لم تضرب⁣(⁣٢) له غاية في الشريعة. ا هـ المراد. هكذا يتكلم الراسخون في العلم.

  ثم نقول: هب أن قراءتين سبعيتين في آية محكمة كاختلاف آيتين إحداهما أمرت بالحسن والأخرى بالأحسن، كقوله تعالى: {وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيل}، وبعد آية يقول سبحانه: {وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} وقوله سبحانه في مهر المسمى لها المطلقة قبل الدخول: {فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ} وفي قتل الخطأ: {وَدِية مُسَلَّمة إلىَ أَهْلِه إلاَّ أَنْ يَصدقُوا}.

  فما على آل بيت رسول الله ÷ إن اتبعوا الأحسن، لقوله تعالى: {اتبِعُوا أحْسن ما أنزل إِلَيكُمْ} {وَخُذُوا بأحْسنها} واقتداء بأبيهم ÷ الذي ما مسح ولا أمر بالمسح.

  ثم إن جناب رسول الله ÷ منزه عن الإتيان بشيء من نفسه تكلفاً وقد قال الله تعالى عنه: {وَمَا أَنَا من المتكلفينَ} وقال: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا} وقال: {قُل لاَّ أَتَّبِعُ أَهْوَاءكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِين} ومهما واختيارهم $ للغسل - كما أوضحنا - زاخر بالرجحان، واقتداء برسول الله ÷، وهو أرضى الأمرين إلى الله، فأنى يكون تعسفا يا شوكاني؟!

  ثم ماذا عليهم وقَدمهم في الغسل راسخ، واستندوا إلى خير خلق الله إن تأولوا الجر في الآية، خِدمة لفعل رسول الله ÷ وما صح عنه في المتواتر قولاً وفعلاً، فلا تسلط عليهم عبارات التعصب والتجهيل وعدم الإنصاف وهم على بينة من أمرهم، وعلى سبيل واضح من أبيهم فإذا تحاملتَ عليهم مع علمك أن رغبة النبي ÷ في الغسل الذي دل عليه


(١) هي إلى.

(٢) يؤتى بـ (إلى) في الغسل كقوله سبحانه: {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} أما المسح فلا يؤتى بـ (إلى) فلا يقال: امسح إلى كذا، فجاءت (إلى) في قوله: {إِلَى الْكَعْبَينِ} لدفع ظن من يظن المسح للرجلين، وعطف المغسول - وهو الرجلان - على الممسوح - وهو الرأس - لأجل التخفيف. تمت شيخنا.