الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

تحريم قتل القمل على المحرم

صفحة 202 - الجزء 2

تحريم قتل القمل على المحرم

  قال الشوكاني: «قوله: ولا يقتل المحرمُ القملَ، وهو إجماع ... إلخ. أقول: الإمام يحيى بن حمزة أول المخالفين لهذا الإجماع؛ فإنه يقول: لا يحرم قتل غير الصيد، ولا دليل يدل على المنع من قتل القمل، بل حديث كعب بن عجرة يدل على الجواز؛ لأن النبي أذن له في حلق رأسه لما كثر فيه القمل، ونزل القرآن بذلك، وقطع الشعر يستلزم موت ما به من القمل؛ فإيجاب الفدية هو لحلق الشعر لا لإلقاء ما فيه من القمل» اهـ كلامه.

  أقول: ما نقله الفقيه حجة عليه؛ لأنه نقل أن أول مخالف للإجماع الإمام يحيى بن حمزة من وجهين: أولًا: أن الإجماع قد انعقد، وأن أول مخالف له هو الإمام يحيى بن حمزة، ومخالفةُ واحد للإجماع بعد انعقاده رد عليه. ثانيا: من جهة قبوله⁣(⁣١) لحكاية الإجماع، وهو يَئِطُّ منها أطيطَ الرَّحْل، ويَنْبُو عنها نُبُوَّ الطَّفْلَةِ⁣(⁣٢) من القَحْل⁣(⁣٣).

  وأما قول الإمام يحيى: (إنه سيلزم من حلق شَعَرة موتُها⁣(⁣٤))؛ فهذا وارد لو كان المرء مكلفًا برعايتها وحمايتها من الموت، لكنه غير مكلف. ثم إنه فرْق بين قتلها مباشرة، وبين موتها حتف أنفها. وقد حَرُمَ في الحَرَمِ قتل كل شيء حتى الجاني بِخَرِبة⁣(⁣٥)، اللاجئ إلى الحرم، وإنما يُضْطَرُّ حتى يخرج.

  وحَرُمَ قَتْلُ الصيد الحلال، وحَرُمَ قتل أي حيوان، إلا ما نص عليه الحديث النبوي من الفويسقات التي تقتل في الحرم، ومن ادَّعى غير هذا فعليه الدليل.


(١) أي الشوكاني، تمت شيخنا.

(٢) الطَّفْلَة: المرأة الناعمة.

(٣) القَحْلُ: الشيخ الهرم الضعيف.

(٤) أي القمل، تمت شيخنا.

(٥) أي بجريمة، تمت شيخنا.