الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

يجوز للمحرم عصر الدماميل

صفحة 207 - الجزء 2

  الإيذاء، وقال: «كما في الآية الكريمة» اهـ.

  ثم ختمها بما لا يجوز صدوره من فقيه، فقال: «فيكون المراد بقوله تعالى: {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً} أي مرضا يجوز معه فعل شيء من محظورات الإحرام التي ورد بها الدليل كلبس المخيط، وتغطية الرأس، وسائر ما ورد الدليل بمنع المحرم منه حال إحرامه». اهـ. وبهذا عطل مفهوم الآية ومنطوقها بكلام قد تجرد عن كل طائل ونائل، وخرجنا من البحث صفر اليدين، وأقول: لزوم ما يلزم على المحرم من فدية أو نحوها لإزالة شيء منه، العلة هو أنه أحرم لله بدمه وشعره وعظمه، وما أقلت الأرض منه، ولهذا أوجب العلماء عليه الفدية في قلم أظافره، «ومن كُسِرَ أو عُرِجَ فقد حَلَّ وعليه الحج من قادم»، كما في الحديث؛ ليتم حجه الأخير بكل ما أحرم به من دم وعَظْم وشعر وبشر، وأما ما ذكره الفقيه من لبس المخيط، وتغطية الرأس فلا يصح اندراجها تحت منظوم الآية؛ لأنها حرمت عليه لأجل الإحرام، وبسببه، وحكمُها متعلقٌ به، ولا صلة لها بالآية، ولا جامعَ بينها وبين حلق الرأس المعلل بالأذى؛ لأن المنع من الحلق له آية مستقلة، وهي قوله تعالى: {وَلاَ تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ}⁣[البقرة: ١٩٦]. ثم جاءت بعده الرخصة بعلة الأذى مع الإلزام بالفدية: من صيام أو صدقة أو نسك؛ فهي معيِّنة حكمًا وجزاءً نصًّا صريحًا، ولا مانع من القياس عليها بجامع الأذى، كما قال في أول البحث، وكان جيِّدًا لو لم تنشب فيه مخالب الخيالات التي لا تستند إلى نور، والله الموفق.