معنى اللام في (طيبته لإحرامه)
معنى اللام في (طيبته لإحرامه)
  قال الشوكاني: «قوله: ويجوز أن تكون طيَّبَتْهُ قبل إحرامه، فلما أراد الإحرام اغتسل لإحرامه، وهذا واضح ... إلخ. أقول: إذا كان هذا التجويز البعيد واضحًا مع ما قدمه من قول عائشة: كأني أنظر وَبِيصَ الطِّيب في مفارقه وهو محرم، فتأويل الشريعة بأسرها، وإخراجها عن معناها واضح» اهـ كلامه.
  أقول: ما استظهره الإمام من أن عائشة طيبته قبل إحرامه هو الواقع، وقد حاول الفقيه أن يجعل المعنى أنها طيبته حين إحرامه؛ لإيراده حديث: (طيبته لإحرامه)، ولم يورد الحديث كاملاً؛ لأجل يوهم - من جهة اللام - أنها طيبته بعد إحرامه، كما تجيء اللام لذلك في قولك: حررته لثلاث مضين من شهر كذا. أي: بعد مُضيِّها. فاللام هاهنا: لام الاستقبال، أي: طيبتُ قبل إحرامه. كما في قوله تعالى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} أي مستقبلات عدتهن.
  ولا أدّعي هذا مجردًا عن الدليل - كما فعل الفقيه - وإنما أسند الدعوى بحديث البخاري، ولفظه: (طيبته لإحرامه قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت) قال في (مشكاة المصابيح) ج ٢ ص ٧٧٩ ما لفظه: عن عائشة قالت: (كنت أطيب رسول الله لإحرامه قبل أن يُحْرِم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت، بطيب فيه مسك ...) متفق عليه. اهـ المراد.
  وقد ورد في بعض الروايات من حديثها هي: (كنت أطيبه قبل إحرامه ثم يطوف على نسائه ويصبح محرمًا) ومعلوم أنه بعد طوافه على نسائه سيغتسل، فالطِّيب قد تقدم الغسل والإحرام. وأما تطيُّب المحرم بعد إحرامه فالإجماع منعقد على منعه، وقد سبق تقريره، ونقل أقوال العلماء في ذلك، فانظر مَنْ هو الذي يعبث بالشريعة عبث العاصفة بالأغصان، بل عبث الذئب بفريسته؟!
  فما نقلتُه لك هو الحق، ولك الرجوع إلى البخاري، وغيره تجد لفظه هو ما حررته. وإياك واتباع الهوى؛ فإنك إن اتبعته خرجت بحج مجرود، ودعاء مردود، وسبيل مسدود.