نسخ المسح على الخفين
  الخفين) أي غلبه ونسخه، ثم إن المجتهد ليس لزاماً عليه أن يعلم حتى بقول الساكت، بل غاية ما عليه البحث ويقول: (بحثتُ فلم أجدْ) وهذه قضية متفق عليها، على أنه قد وقع الاتفاق بين علماء الآل وغيرهم - على تباعد الأقطار - فوصلوا من فارس والعراق وغيرها إلى اليمن، ونُقلت الكتب وعُلمت الأقوال، والمذهب الزيدي قد امتد إلى المغرب والحجاز واليمن والعراق وإلى عراق العجم من جيلان وطبرستان وغيرها بواسطة الدعاة من أهل البيت وغيرهم.
  قال الشوكاني: «ومن حكى إجماعاً عن الصحابة في شيء فقد حكاه عن علي والحسنين؛ لأنه لو خالف بعضهم أو كلهم لم يُسمح لمسلم أن يحكي إجماع الصحابة» اهـ كلامه.
  أقول: لا يخفاك أن دلالة الصحابة على كل فرد من أفرادهم دلالة ظنية كدلالة العام على كل فرد من أفراده عند الإمام الشافعي وغيره من الأصوليين.
  ولهذا يُخص العام الظني القطعي بآحادي؛ لضعف دلالته على أفراده. فرواية أهل بيت النبوة عمن ذكر باسمه أولى بالعمل، لأنه كالتخصيص من مفهوم العام.
  ثم إن رواية أولاد علي عن علي # أقعد كما حكى صاحب (البحر) وإليك نصّه: قال صاحب (البحر) في الجزء الأول صـ ٦٩ - ٧٠: العترة جميعاً والإمامية والخوارج وأبو بكر بن داود: لا يجزي - أي المسح على الخفين - للآية، ولقوله ÷ لِمَن علمه: «فاغسل رجليك» وقوله: ÷ بعد غسلهما: «لا يقبل الله الصلاة من دونه»، وقوله ÷: «ويل للعراقيب من النار» وقوله: «لا يقبل الله صلاة امرئ» الخبر - جاء ببقيته ابن بهران - وفي آخره: «ويغسل رجليه إلى الكعبين» فأما أخبارهم فمنسوخة بآية المائدة لقصة عمار مع ابن أبي وقاص، وقول عائشة: ما مسح رسول الله ÷ بعدها - أي بعد نزول المائدة - وعن علي: (سبق الكتاب الخفين)، وغير ذلك، قالوا: لا تنافي فلا نسخ، قلنا: بل نسخ الإجزاء كاستقبال بيت المقدس، ولتصريح أكابر الصحابة، قالوا: أسلم جرير بعد المائدة وروى المسح، قلنا: روايتنا أرجح وللقدح في جرير، سلمناه فلعله رآه قبل إسلامه، قالوا: في نزعهما حرج كالجبائر، قلنا: في حل الجبائر ضرر، قالوا: قد نقل كثير منهم عن